ويحتمل أن يراد من الرجز العذاب، كما في قوله تعالى: وأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء (1)، وقد صرح بذلك بعض أهل اللغة كصاحب القاموس وغيره.
وعلى هذا فالمراد من هجر العذاب هجر موجباته كما أريد من المسارعة إلى المغفرة (2) ومن الاستباق إلى الخيرات (3) المسارعة والاستباق إلى أسبابهما في آيتهما.
ومنها: قوله تعالى: ويحرم عليهم الخبائث (4)، بناء على صدق الخبائث على المتنجسات، وحيث إن التحريم في الآية لم يقيد بجهة خاصة فهي تدل على عموم تحريم الانتفاع بالمتنجسات.
وأجاب عنها المصنف بأن المراد من التحريم خصوص حرمة الأكل بقرينة مقابلته بحلية الطيبات، وفيه: أن مقتضى الاطلاق هو حرمة الانتفاع بالخبائث مطلقا فتدل على حرمة الانتفاع بالمتنجس كذلك.
والحق أن يقال: إن متعلق التحريم في الآية إنما هو العمل الخبيث والفعل القبيح، فالمتنجس خارج عن مدلولها لأنه من الأعيان.
لا يقال: إذا أريد من الخبيث العمل القبيح وجب الالتزام بالتقدير، وهو خلاف الظاهر من الآية.
فإنه يقال: إنما يلزم ذلك إذا لم يكن الخبيث بنفسه بمعنى العمل القبيح، وقد أثبتنا في مبحث بيع الأبوال صحة اطلاقه عليه بدون عناية، وخصوصا بقرينة قوله تعالى: ونجيناه من القرية التي كانت تعمل