وتطهير ما أصابه بعد الفراغ عن عدم اعتبار ما تقدم، أي الكرية والعصر والتعدد في الجاري، فمع سقوط تلك القيود نزلوا المطر منزلته لا لقيام دليل على التنزيل، فالمتبع في ماء المطر الأدلة الخاصة.
فنقول: تدل على الحكمين - مضافا إلى الشهرة المنقولة واعتراف بعض الأعيان بعدم معرفة الخلاف بين الأصحاب، بل عن الذخيرة الظاهر عدم الخلاف في أنه لو أصاب حال تقاطره متنجسا غير الماء طهر مطلقا، اللازم منه عدم انفعاله - مرسلة عبد الله بن يحيى الكاهلي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " قلت: أمر في الطريق فيسيل علي الميزاب في أوقات أعلم أن الناس يتوضؤون، قال: ليس به بأس لا تسأل عنه، قلت: يسيل على من ماء المطر أرى فيه التغير، وأرى فيه آثار القذر. فتقطر القطرات علي وينتضح علي منه، والبيت يتوضأ على سطحه، فكيف على ثيابنا، قال: ما بذا بأس، لا تغسله، كل شئ يراه ماء المطر فقد طهر " (1).
والظاهر جبر سندها بالشهرة، لنقل جمع من الأعيان الشهرة على الحكم الثاني من الحكمين المتقدمين، وليس في المسألة دليل صالح للاتكال عليه إلا المرسلة، ولهذا لم يرمها صاحب المدارك بالضعف، وقال الأردبيلي بعد الاشكال في طريقها " وقد يقال: ينجبر بالشهرة، وفيه تأمل " والظاهر تأمله في الانجبار بالشهرة لا في تحققها، ولعله استشكل في أصل الانجبار بها أو ثبوت اتكالهم عليها.
أقول: في مثل هذا الحكم المخالف للقواعد المفقود فيه الدليل إلا المرسلة والمرسلة الآتية على إشكال فيها يطمئن النفس بأن اتكالهم كان عليها، وهذا يكفي في الجبر.