شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٦٣
وكل حقيقة ممكن وجودها، وان كانت باعتبار ثبوتها في الحضرة العلمية أزلا وأبدا ما شمت رائحة الوجود (15)، لكن باعتبار مظاهرها الخارجية (16) كلها موجودة فيه وليس شئ منها باق في العلم بحيث لم توجد بعد (17) لأنها بلسان استعداداتها طالبة للوجود العيني، فلو لم يعط الواهب الجواد وجودها لم يكن الجواد جوادا، ولو أوجد بعضها دون البعض مع انها كلها طالبة للوجود يكون ترجيحا بلا مرجح. وافرادها لتوقفها بأزمانها التي يعلمها الحق وقوعها فيها تظهر من الغيب إلى الشهادة ظهورا غير منقطع إلى انقراض النشأة الدنياوية و في الآخرة أيضا (18) كما جاء في الحديث الصحيح: (المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنه في ساعة واحدة (19) كما يشتهى). قال تعالى: (ولكم فيها ما تشتهى أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم).
والأعيان الممكنة ينقسم إلى الأعيان الجوهرية والعرضية، والأعيان الجوهرية كلها متبوعات والعرضية كلها توابع. والجواهر ينقسم إلى بسيط روحاني كالعقول والنفوس المجردة، وإلى بسيط جسماني كالعناصر، وإلى مركب في العقل دون الخارج كالماهية الجوهرية المركبة من الجنس والفصل، وإلى مركب فيهما كالمولدات (المواليد) الثلاث.
وكل من الأعيان الجوهرية والعرضية ينقسم إلى أعيان الأجناس العالية والمتوسطة والسافلة، وكل منها ينقسم إلى الأنواع وهي إلى الأصناف وإلى الاشخاص: (فسبحان الذي لا يعزب عن علمه شئ في الأرض ولا في السماء و هو السميع العليم).
فعالم الأعيان مظهر الاسم الأول والباطن المطلق، وعالم الأرواح مظهر الاسم الباطن والظاهر المضافين، وعالم الشهادة مظهر الاسم الظاهر المطلق والآخر من وجه، (20) وعالم الآخرة مظهر الاسم الآخر المطلق، ومظهر اسم الله الجامع لهذه الأربعة هو الانسان الكامل الحاكم في العوالم كلها، وعالم المثال مظهر الاسم المتولد من اجتماع الظاهر والباطن (21) وهو البرزخ بينهما، والأجناس العالية (22) مظاهر أمهات الأسماء (23) التي تشتمل الأسماء الأربعة عليها، والمتوسطة

(١٥) - قال العرفاء: ان الأعيان الثابتة لا تنتقل من الغيب إلى الظهور بل التي ظهرت هي ظلال ما في الغيب لا عينها فهذا معنى قولهم: ما شمت رائحة الوجود ابدا، أي الوجود الخارجي الخاص بها. ١٢ (١٦) - لا باعتبار أنفسها لأنها بذلك الاعتبار لم توجد في العين بل الوجود فيه هو اضلالها فهي موجودة.
(17) - أي، بحيث لم توجد مظاهرها وأظلالها لا أنفسها. 12 (18) - أي، تظهر في الآخرة أيضا وهو الأعيان التي لا توجد في الدنيا بل تطلب الوجود الأخروي. 12 (19) - فيه إشارة إلى عدم التدريج في ذلك وانه دفعي والا لا زمان في الآخرة.
(20) - لأنه آخر مراتب القوس النزولي. 12 (21) - لأنه باطن بالنسبة إلى عالم الحس وظاهر بالنسبة إلى ما فوقه. 12 (22) - مراده ان العموم والخصوص والبساطة والتركيب في المظاهر تابعة للعموم والخصوص والبساطة والتركيب في الأسماء، فكما ان زيدا، مثلا، تحت الانسان فكذلك الاسم المربي له تحت الاسم المربى له وبالجملة المظاهر تابعة للظواهر. 12 (23) - وهي الأئمة السبعة. وهي الحياة والعلم والإرادة والقدرة والسمع والبصر والكلام.
بعضهم جعل اسم المقسط والجواد من الأئمة الأسمائية. (غلامعلى)
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»