الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٣ - الصفحة ١١٨
التسكين في حيز يخصها إذا كانت فيها والتحريك على أسهل الوجوه واقصر الطرق اليه ان كانت خارجه عنه والنفس تكمل طبيعة البدن بإفاضة القوى والآلات عليها وإفادة الاشكال والأعضاء لها على حسب حاجتها إلى كل واحده منها وتبقية شخصها أقصى ما يمكن وتبليغها إلى غاية نشوها بالتغذية والتنمية وتبقية نوعها بالتوليد للمثل وحفظ الصحة على مزاج بدنها على وجه يترتب عليها هذه الأفاعيل بحرارة غريزية شانها النضج للمادة والطبخ والهضم ودفع الفضول الردية وامساك الأخلاط الدموية المحمودة التي يقع بها الاغتذاء والاخلاط التي بها صلاح البدن من البلغم والصفراء و السوداء وغير ذلك من صور الأعضاء واشكالها واقدارها ومواضعها اللائقة وترتيبها على أحسن الترتيب وغير ذلك مما يطول شرحه ويدل عليه علم الهيئة والتشريح كل ذلك بإذن الله وإلهامه إياها كما قال ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقويها وكذلك العقل يكمل النفس ويقومها ويهذبها ويطهرها عن الأدناس المادية والأرجاس البدنية بإفادتها العلم والحكمة وتنويرها بنور المعرفة والهداية واخراجها من القوة إلى الفعل ومن الظلمات إلى النور وتجريدها من الأغشية البدنية وبعثها من القبور الداثرة والمضاجع البالية المندرسة إلى عالم القيامة والمثول بين يدي الله وشأن الحق الأول مع العقل والنفس والطبيعة وسائر الأشياء في التقويم والايجاد والهداية والارشاد والعناية واللطف والرحمة والجود والكرم فوق ذلك كله ولنأخذ في شرح هذا المطلب على وجه ابسط الفصل في نبذ من آثار حكمته تعالى وعنايته في خلق السماوات والأرض واعلم أن أفاضل البشر قاصرون عن ادراك حقائق الأمور السماوية والأرضية على وجهها وعن الإحاطة بدقائق الصنعة وعجائب الفطرة (1) وآثار العناية والحكمة التي

(1) ان سئلت عن الحق فكل صنائعه دقيقه وكل فطره عجيبة الا انه لما كان ادراكنا إياها بالتدريج لا نقضي منها العجب وأيضا إذا جاوز الشئ حده انعكس ضده فلما جاوزت الآيات والبينات والأعاجيب عن الحد والعد لم يتفطنوا فكل موجود بحسب خاصيته وجوده يقدر على شئ أو أشياء يعجز غيره عنه وعنها الا الانسان الكامل الذي هو أعجب الأعاجيب وقد ورد عن بعض ساداتنا وروح القدس في جنان الصاقوره ذاق من حدائقنا الباكورة الحديث وإذا كان حال روح القدس هكذا فما ظنك بحال غيره يظهر لك صدق ما قلنا من سريان الآيات العجيبة ان ترجع كلا من هذه الكائنات إلى حالته الأولية وكينونة مادة شوهاء أو عناصر عطلاء عريه برية من كل حليه وحلل وتأخذها بشرط لا وتزن حال ذلك الفاقد المعدوم الأول مع ما هو بالكمالات الأولى والثواني تزين واستكمل حتى تشاهد انه أين صدر المحفل من القباب وأين التراب ورب الأرباب وعند ذلك حركة دود الخراطين الذي هو أحقر الحيوانات أعجوبة ودركه أعجب وطيران الذباب الذي يستكره على الهواء غريب وحزمه اغرب حيث يمس بأيديه وأرجله رأسه وأجنحته.
وينظفهما بهما كيلا يتلطخ ويتلوث بشئ ولا يثقل فيمنع عن الطيران وإذا كان هذان هكذا فما ظنك بالموجودات الشريفة الاخر فضلا عن اشرف الموجودات حيث إنه اتى عليه حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا بل كان نطفة قذره ودم طمث قذر ثم تطور بالأطوار حتى صار جنينا واستكمل حتى خرج من بطن أمه وإن كان بعد اعجز خليقه حتى بلغ أشده وميز عن غيه رشده ثم إن نالته العناية صار عارفا ربانيا أو ملكا مقتدرا أو كان ذا الرياستين مظهر العلم والقدرة أو كان وليا أو نبيا خليفة الله تعالى يقبض الوجودات ويرثها ويطويها في وجوده في النهايات كما أن العقل الأول خليفة الله يفيض الوجودات ويعطيها المستحقين وينشرها في الماهيات في البدايات فان تعجب ففيه كل العجب وان طربت ففيه كل الطرب فقم وزمزم بما غرد حمامه حرم كعبه الوداد وعندليب رياض المعرفة والرشاد أعني لسان الغيب ساقى بنور باده برافروز جام ما * مطرب بگو كه كار جهان شد بكام ما ما در پياله عكس رخ يار ديده أيم * اي بيخبر ز لذت شرب مدام ما مستى بچشم شاهد دلبند ما خوش است * ز آنرو سپرده اند بمستى زمام ما فهذا الظاهر والمظهر قصه الانسان العجيبة قد أشير إليها في هذا البيت س قده
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في تحصيل مفهوم التكلم 2
2 في تحصيل الغرض من الكلام 5
3 تمثيل 7
4 استشهاد تأييد 8
5 في الفرق بين الكلام والكتاب والتكلم والكتابة 10
6 في وجوه من المناسبة بين الكلام والكتاب 13
7 في مبدء الكلام والكتاب وغايتهما 14
8 في فائدة انزال الكتب وارسال الرسل إلى الخلق 19
9 في كيفية انزال الكلام وهبوط الوحي من عند الله بواسطة الملك على قلب النبي وفؤاده ثم إلى خلق الله وعباده لبروزه من الكتب إلى الشهادة 22
10 إنارة قبيلته وإشارة نورية 26
11 في كشف النقاب عن وجه الكتاب ورفع الحجاب عن سر الكلام وروحه لأولى الألباب 30
12 في تحقيق كلام أمير المؤمنين وامام الموحد على (ع) كما ورد ان جميع القرآن في باء بسم الله وانا نقطة تحت الباء 32
13 في بيان الفرق بين كتابة المخلوق وكتابة الخالق 34
14 في تحقيق قول النبي (ص) ان للقرآن ظهرا وبطنا وحدا ومطلعا 36
15 تذكرة تمثيلية 39
16 في توضيح ما ذكرناه وتبيين ما أجملناه من كون معرفة لب الكتاب مختصة باهل الله من ذوي البصائر والألباب 40
17 رمز قرآني وتلويح كلامي 40
18 اشعار تنبيهي 43
19 في نعت القرآن بلسان الرمز والإشارة 44
20 تنبيه واشعار 45
21 في الإشارة إلى نسخ الكتب ومحوها واثباتها 47
22 في ذكر ألقاب القرآن ونعوته 50
23 الموقف الثامن في العناية الإلهية الرحمة الواسعة لكل شئ وكيفية دخول الشر والضر في المقدورات الكائنة بحسب القضاء الإلهي والتقدير الرباني وفيه فصول 55
24 في القول في العناية 55
25 في مباحث الخير والشر 58
26 شك وتحقيق 62
27 في اقسام الاحتمالات التي للموجود من جهة الخير والشر 68
28 في ان جميع أنواع الشرور من القسم المذكور لا توجد الا... 70
29 في كيفية دخول الشرور في القضاء الإلهي 72
30 في دفع أوهام وقعت للناس في مسئلة الخير والشر 78
31 في ان وقوع ما يعده الجمهور شرورا في هذا العالم قد تعلقت به... 91
32 في بيان كيفية أنواع الخيرات والشرور الإضافية 94
33 حكمة أخرى 101
34 في ان العالم المحسوس كالعالم المعقول مخلوق على أجود... 106
35 في بيان ان كل مرتبة من مراتب مجعولاته أفضل ما يمكن وأشرف... 108
36 في نبذ من آثار حكمته (تعالى) وعنايته في خلق السماوات والأرض 118
37 في ذكرا نموزج من آثار عنايته في خلق المركبات 124
38 في آيات حكمته وعنايته في خلق الانسان 127
39 في عنايته تعالى في خلق الأرض وما عليها لينفع بها الانسان... 134
40 في بدائع صنع الله في الاحرام الفلكية والأنوار الكوكبية 139
41 في اثبات ان جمعي الموجودات عاشقة لله سبحانه مشتاقة إلى لقائه 148
42 في بيان طريق آخر في سريان معنى العشق في كل الأشياء 158
43 في بيان ان المعشوق الحقيق لجميع الموجودات وان كان شيئا واحدا... 160
44 في التنبيه على اثبات الصور المفارقة التي هي مثل الأصنام الحيوانية 169
45 في ذكر عشق الظرفاء والفتيان للأوجه الحسان 171
46 في ان تفاوت المعشوقات لتفاوت الوجودات 179
47 في اختلاف الناس في المحبوبات 184
48 في الإشارة إلى المحبة الإلهية المختصة بالعرفاء الكاملين... 188
49 الموقف التاسع في تمهيد أصول يحتاج إلى معرفتها في تحقيق وأول الهويات... 192
50 في ان أول ما يصدر عن الحق يجب ا ن يكون أمرا واحدا 204
51 في سياقة أخرى من الكلام لتبين هذا المرام أورده (بهمنيار) 207
52 وهناك مساق آخر في البرهان على هذا الأصل افاده الشيخ الرئيس... 209
53 في ذكر شكوك أوردت على هذه القاعدة والإشارة إلى دفعها 211
54 وهم وتنوير 219
55 في قاعدة امكان الأشرف الموروثة من الفيلسوف الأول مما يتشعب 244
56 اشكال فكري وانحلال نوري 254
57 تبصرة مشرقية 257
58 في نتيجة ما قدمناه من الأصول وثمرة ما أصلناه في هذه الفصول 258
59 تبصرة تفصيلة 262
60 تكميل انحلالي لشك اعضالي 276
61 الموقف العاشر في الإشارة إلى شرف هذه المسئلة وان دوام الفيض والجود لا ينافي... 282
62 في بيان حدوث الأجسام بالبرهان من مأخذ آخر مشرقي غير ما سلف 297
63 في ذكر ملفقات المتكلمين ونبذ من آرائهم وأبحاثهم في هذه المسئلة 298
64 في بعض احتجاجات المتكلمين وأرباب الملل وانقطاع الفيض 300
65 في طريق التوفيق بين الشريعة والحكمة في دوام فيض الباري وحدوث العالم 326