السؤال الرابع كيف وجد الانسان؟ يحتمل السؤال عن كيفية وجوده من حيث هو صادر عن الحق سبحانه والحق موجد له وعن كيفيته الحاصلة بحسب مراتب سيره واطواره الاستيداعية والاستقرارية؟
82 - 5 جوابه: ان كيفية الوجود من حيث نفس الايجاد لا تنجلى ولا تنكشف، لأنه مقام حيرة الكمل، واما كيفية الحاصلة بتعلق الايجاد بحسب الأطوار المذكورة فيستجلى، لكن لا كما هو في علم الحق سبحانه البتة، بل استجلاء متفاوتا كمالا ونقصانا بحسب نسبة الناظر في المرتبة والمتأمل فيها، أي مناسبة معها الحاصلة حال النظر فيها وشهود ما فيها وبحسب حظه الحاصل من تلك المرتبة ومقتضى حكمها فيه، أي بحسب علمه الحاصل بالفعل بالمرتبة وما فيها علما نظريا أو شهوديا وبحسب تأثير المرتبة فيه.
83 - 5 فهيهنا امران: الأول ان كيفية وجود الانسان من حيث إن الحق موجد له وكأنها هي المرادة بمفتاحية المفاتيح الأول التي لا يعلمها الا الله - كما ذكر قدس سره في التفسير -: لا يستجلى ولا يعلم تعينها نظريا أو شهوديا، وذلك لأنه محل حيرة أكابر أهل الله الكمل - فضلا عن غيرهم - فان للكمل أيضا حيرة في العلم بالله وبايجاده بدرجات بعضها أو غل من بعض - وإن كانت حيرتهم محمودة - 84 - 5 وتوضيح ذلك بالاستنباط عما ذكره الشيخ قدس سره في تفسير ولا الضالين - بعد ما ذكر ان الضلالة هي الحيرة -: ان نقول: الحيرة في الله اما مذمومة أو محمودة، فالمذمومة حيرة العامة أو المتوسطين، والمحمودة حيرة يتمناها الأكابر ويترقون فيها أبد الآباد.
85 - 5 اما حيرة العامة في الله - ففي المطلب وطلبه وسرها -: ان الانسان فقير وطالب بالذات كل نفس، ومطلوبه الكمال المتعين بحسب همته ومناسبته الباعثة على الطلب، فما لم يتعين له غاية يتوخاها أو اعتقاد يعتقد به بقى حائرا، إذ لا غنى لنشأته المقيدة عن أمر يربط