تذكرة أولى الألباب - الشيخ داود الأنطاكي - ج ٣ - الصفحة ٤٧
إلى ما يختلف باختلاف من الأسباب في الأنواع المذكورة فقد قدمنا أن النبض يتغير بسبب يخرجه عن حالة نفسانيا كان كالغضب أو خارجيا مماز جا كالمسكر أولا كالحمام ومن ثم التزموا أخذه عند القيام من النوم واعتدال البدن إلى غير ذلك فرأى جالينوس أنه لا غنية للطبيب عن النظر في غير الوقت الصالح لضرورة طارئة فاحتاج إلى قانون يكوشن به ضبط الطوارئ فقرر أن الواجب على الطبيب أن يعرف نبض الشخص حال الصحة ثم يعرفه حال الانحراف بالنسبة إليها ومن ثم منعت الملوك أطباءها عن نظر الانباض المختلفة حذرا من التزلزل فرأى ذلك عسرا فأعمل الفكر في إيضاح طريق يضبط ذلك فصح بعد الاحكام أن الاختلاف عائد إما إلى المزاج ومقتضاه العظم والقوة إن كان حارا وإلا الضد وعليه تتفرع البواقي من صناعة ومكان وجنس وغيرها فان الحدادة والحجاز والشباب يلزمها ما يلزم الحار المزاج قطعا فلا حاجة إلى ما اخترعه وإلى ما فرعوه ولكن أذكره كما ذكروه أو إلى الذكورة والأنوثة ولا شك أنه في الذكورة يكون أقوى وأعظم وفى الأنوثة أشد سرعة وتواترا. أو إلى السحنة ومقتضى القضافة قوته وظهوره وفى الارتفاع لقلة اللحم المانع له من ذلك والعبولة عكسها إلا أنها إن كانت شحمية لزم أن يكون رطبا. أو إلى السن ومقتضاه عظمه في الصباوة والشباب وزيادة التوتر في الأولى والسرعة والعظم في الثانية والكهول عكس الأولى والشيوخ الثانية أو إلى الفصول، ولازم الربيع الاعتدال والحريف الاختلاف والصيف والشتاء الصغر والبطء والضعف لتحلل الحرارة في الأولى واختفائها في الثانية وعليه لابد من التواتر فيه بالنسبة إلى الصيف كذا قرروه وعندي أن الفصول كالأسنان فالربيع كالصبيان وهكذا والهواء كالفصول قالوا وكذا الأماكن والواجب يبسه في الجبالة والحجازية وبطؤه وتواتره في الباردة وعظمه وامتلاؤه في الجنوبية والعكس أو إلى النوم ومقتضى أوله كمقتضى الصيف من البطء والتفاوت والضعف لدخول الحرارة ووسطه كذلك عند الشيخ قال لان احتقان الحرارة لا يوجب عظمه ونازعه الرازي والصحيح أنه إن كان بعد الغذاء فالواجب أن يكون عظيما للهضم والنمو سريعا قويا لزيادة القوة وإلا استمر متزايدا في الصفات السالفة وآخره كالأول مطلقا، أما في الجوع فظاهر وأما في غيره فلكثرة ما يندفع إلى ما تحت الجلد مما لا تحله إلا اليقظة وكلما طال زادت الصفات هذا هو الأصح من خبط كثير عندهم، وأما الحمل فأوله يستلزم العظم والسرعة والقوة إلى الرابع فتنقص القوة إلى آخر السادس فينقص العظم لعجز القوى وتستمر السرعة إجماعا لكن على ما كانت عليه على الأصح. وقال الرازي وأبو الفرج تزيد وليس كذلك لعدم موجبها وإنما يزيد التواتر لضعف القوة فهذه موجباته الطبيعية وأما ما يغيره سوى الطبيعي فمنها الرياضة ونبض أولها قوى عظيم سريع مع تواتر قليل فان طالت تناقصت الصفات إلا التواتر للاعياء والتحلل. ومنها الموجبات النفسية كالغضب وهو كأول الرياضة لتحرك الحرارة فيه إلى الخارج دفعة ودونه الفرح للتدريج وعكسه الخوف لكن السرعة فيه توجد بعد البطء والضعف أولى ويعقبه التواتر ودونه في ذلك الغم لما سبق من أنه عكس الفرح. وأما الهم فحكمه الاختلاف لعدم ضبط النفس فيه. ومنها الاستحمام فإن كان بالماء الحار كان النبض في أوله عظيما قويا سريعا متواترا وتنقص الأربعة بطول الاستحمام حتى يعود إلى الضد. أو البارد كان بطيئا ضعيفا متفاوتا صغيرا إلا في السمين فيكون سريعا مالم يبلغ التطويل في الماء نكاية البدن. ومنه المتناولات ونبضها مختلف مطلقا في الأدوية سريع عظيم في أول السكر وآخره مختلف وفى الأغذية يكون في قلة الكم قويا لنفوذه وفى البواقي مختلفا بحسب الأغذية كما وكيفا وأما ما يرد على البدن من الأمور المغيرة غير الطبيعية فقد تكون
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 صفة خواتم الملوك السبعة وبخوراتهم 4
3 حرف الياء 5
4 حرف الكاف 6
5 فصل في الحد والموضوع 7
6 فصل في أولها وهي العناصر 7
7 فصل في ثانيها وهو المزاج 8
8 حرف اللام 14
9 حرف الميم 16
10 فصل في العلامات الدالة على تغير المزاج 29
11 حرف النون 43
12 حرف السين 53
13 الفصل الأول في سبب انقسامها وانحصارها 53
14 فصل في النواميس وكيفية أعمالها 62
15 فصل في المحاريق وكيفية أعمالها 65
16 فصل في التعافين 65
17 فصل في المراقيد 67
18 فصل في عمل النيرنجيات 67
19 باب في الإخفاء 68
20 حرف العين 70
21 علم الحرف 89
22 في معرفة التصرفات بالأوفاق العددية واستخراج الأعوان العلوية 93
23 فصل في استخراج أسماء الملوك العلوية وأسماء الأعوان السفلية 94
24 علم منازل القمر وما يتعلق به والكواكب وما يتعلق بها وغير ذلك 101
25 فصل في أن الآدمي فيه شبه كل شيء من العالم السفلى والعلوي 104
26 فصل في ذكر ملحمة مباركة على الكواكب السبعة السيارة 106
27 فصل في الأوقاف السعيدة والأوقات النسخة وساعاتها 111
28 باب في ذكر التهاييج 113
29 حرف الفاء 127
30 حرف الصاد 138
31 حرف القاف 144
32 حرف الراء 147
33 باب فيه نكت وغرائب في ضرب المسائل لمن أراد سفرا أو غير ذلك 169
34 فصل في معنى الولد والبحث عنه ذكر هو أم أنثى 169
35 فصل في معرفة الضمير 169
36 فصل في الخصومة 169
37 فصل في السفر البحر 169
38 فصل في صفة سؤال المريض عن مرضه 170
39 باب المفردات والكلام عليها 170
40 فصل في إخراج الاسم 171
41 فصل في معرفة الوضع 172
42 حرف الشين المعجمة 172
43 حرف التاء المثناة 179
44 حرف الثاء المثلثة 181
45 حرف الخاء المعجمة 182
46 حرف الدال المعجمة 183
47 حرف الضاد المعجمة 183
48 حرف الظاء المعجمة 183
49 حرف الغين المعجمة 184
50 خاتمة في نكت وغرائب ولطائف وعجائب 185
51 فصل في كيفية هضم الغذاء وفساده 191
52 فصل في مقدار الماء الذي يشربه المهموم عند العطش 191
53 فصل في الفصد والاستفراغ والجذب ودوائها 191
54 فصل في المعاجلة بالدواء الواحد خير من المعاجلة بالمركب 192
55 فصل في كان حكماء اليونان إذا أشكل عليهم حال المريض خلوا بينه وبين الطبيعة 192
56 فصل إذا قال الأطباء كزرة يابسة فمرادهم حشيشتها لا بزرها وفوائد مختلفة 192
57 فصل في كيفية محبة الرجال والنساء 192
58 فصل في علاج من سقى المرتك 193
59 دعاء آخر السنة 196
60 فصل في التحييرات المجربة 197