تذكرة أولى الألباب - الشيخ داود الأنطاكي - ج ٣ - الصفحة ١٣٩
سويا في كل أفعاله ويتوقف ذلك على صحة المواد والطوارئ وتدبيرها وقد عرفت تكفل الطب بها حاصلة أو زائلة لا شتماله على حفظ الأول ورد الثاني * (البحث الثاني في تقرير يخص المسافرين) * لاشك أن السفر غير طبيعي فصاحبه معرض للآفات لتغير الماء والهواء ومفارقة كثير من مألوفاته فاحتجنا إلى العناية بإفراد الكلام عليه فنقول: يجب عليه تقليل الغذاء والماء وأنه ينقى بدنه عند السفر من كل ما كان غالبا من الفاسد من أي خلط كان ويقلل من البقول والفواكه ما أمكن لسرعة التعفن فإن كان سفره برا أكثر من المرطبات الملينة خصوصا في الصيف وإن خاف كثرة الاكل وكان شديد الشهوة وخشي فراغ الزاد صحب ما يغنى عن الاكل زمنا طويلا مثل الكبود المجففة مسحوقة مع بزر الخشخاش واللوز وعجنت بالشحوم فان قليلها يكفي عن كثير من غيرها وأن يصحب ما يمنع من فساد الهواء كالبصل والنعناع المرضوض مع الزبيب والسماق وقد عجنت بشئ من الخل وتجعل في المياه فتصلحها وتزيل تغيره مطلقا وإن كان في البحر شرب من مائه أولا وتقايأه ثم يطلى وجهه بالخل ويأخذ ما أمكن من الربوب الحامضة وإن كان الهواء وبائيا صحب معه العنبر أو اللاذن أو دهن البنفسج وإن كان في الشتاء صحب ما يمنع دهنه شقوق الأطراف مثل الزيت المغلى فيه الثوم ودهن الغوالي، وفى القانون أن شرب أربع أواق من دهن البنفسج ممزوجة بالشمع تكفى عن الاكل عشرة أيام، ومما يعرض للمسافر قلة الماء فينبغي أن يصحب ما يمنع العطش كبزر الرجلة المسحوق في الأقط ومزج الماء بالخل وهجر الموالح والكوامخ وأخذ سويق الشعير والدوغ وهو اللبن المخيض، ومن اشتد به الحر والعطش فلا يبادر إلى الماء الصرف بل يشرب القليل ممزوجا بدهن الورد أو الخل حتى يسكن العطش ثم يشرب ويحفظ أطرافه من الحر بالطلاء بعصارة الرجلة والاسفيداج وبياض البيض ودهن الورد وماء الكزبرة قيروطيا وقد ذكرنا ما يمنع البرد أيضا لكن قال الشيخ إن من تدبير منع البرد في السفر والحضر شرب درهم من الحلتيت في رطل من الشراب فإنه يمنع البرد مطلقا وكذلك دهن السوسن كيف استعمل قال ويحذر في إنكار البرد القرب من النار بل يتدثر ولا شئ للاطراف كالقطران والثوم والقثاء واللاذن وإذا بلغ البرد إعدام الحس فالنطول بطبيخ السلجم والشبت والبابونج والفوتنج والنمام فان اسود العضو شرط في الماء الحار ودثر فان تعفن عولج ولطخ المتعفن بما يأكله لئلا يفسد غيره ومن التدابير العامة تصعيد الماء وتقطيره أو جره بالملعقة ووضع بزر الكرفس فيه أو حب الآس أو الشب أو الطين الخالص وإن كان من طين بلده فهو الغاية وقد يصلح الماء بعض الاصلاح بمزج ماء كل محل بالذي يليه بدوام المناسبة (وأما تدبير الحالة المتوسطة) فهي تطلق على أنحاء كثيرة حاصلها اجتماع الصحة والمرض في جسم واحد إما لكون كل ليس في الغاية كالطفل والناقة فان كلا منهما ليس بقادر على الافعال الشاقة كالصحيح ولا عاجز عن غذاء لوجع ونحوه كالمريض أو يجتمع كل منهما في وقت واحد لكن تكون الصحة مثلا في المزاج والمرض في العضو والعكس أو كل في عضو أو يكون في المقدار والوضع أو أحدهما في الرطوبة والآخر في اليبوسة أو العكس وكذا الحرارة والبرودة أو يكون بالنسبة إلى الوقت فصحيح في الصيف مريض في غيره فهذه أقسام هذه الحالة كلية وإن كان في الامكان أن تتجزأ إلى غير ذلك كتجزئة الفصول والسن وغيرهما وقد أنكرها قوم محتجين بأن البدن إما صحيح أو مريض وفى الحقيقة لا منافاة بين إيجاب هذه الحالة وسلبها لأنا إن عنينا بالصحة أو المرض جملة البدن وكون كل في الغاية فلا واسطة وإلا ثبتت.
* (تنبيه) * اختلف الأطباء فذهب جالينوس وأتباعه إلى أن كلا من الصحة والمرض أصل مستقل
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 صفة خواتم الملوك السبعة وبخوراتهم 4
3 حرف الياء 5
4 حرف الكاف 6
5 فصل في الحد والموضوع 7
6 فصل في أولها وهي العناصر 7
7 فصل في ثانيها وهو المزاج 8
8 حرف اللام 14
9 حرف الميم 16
10 فصل في العلامات الدالة على تغير المزاج 29
11 حرف النون 43
12 حرف السين 53
13 الفصل الأول في سبب انقسامها وانحصارها 53
14 فصل في النواميس وكيفية أعمالها 62
15 فصل في المحاريق وكيفية أعمالها 65
16 فصل في التعافين 65
17 فصل في المراقيد 67
18 فصل في عمل النيرنجيات 67
19 باب في الإخفاء 68
20 حرف العين 70
21 علم الحرف 89
22 في معرفة التصرفات بالأوفاق العددية واستخراج الأعوان العلوية 93
23 فصل في استخراج أسماء الملوك العلوية وأسماء الأعوان السفلية 94
24 علم منازل القمر وما يتعلق به والكواكب وما يتعلق بها وغير ذلك 101
25 فصل في أن الآدمي فيه شبه كل شيء من العالم السفلى والعلوي 104
26 فصل في ذكر ملحمة مباركة على الكواكب السبعة السيارة 106
27 فصل في الأوقاف السعيدة والأوقات النسخة وساعاتها 111
28 باب في ذكر التهاييج 113
29 حرف الفاء 127
30 حرف الصاد 138
31 حرف القاف 144
32 حرف الراء 147
33 باب فيه نكت وغرائب في ضرب المسائل لمن أراد سفرا أو غير ذلك 169
34 فصل في معنى الولد والبحث عنه ذكر هو أم أنثى 169
35 فصل في معرفة الضمير 169
36 فصل في الخصومة 169
37 فصل في السفر البحر 169
38 فصل في صفة سؤال المريض عن مرضه 170
39 باب المفردات والكلام عليها 170
40 فصل في إخراج الاسم 171
41 فصل في معرفة الوضع 172
42 حرف الشين المعجمة 172
43 حرف التاء المثناة 179
44 حرف الثاء المثلثة 181
45 حرف الخاء المعجمة 182
46 حرف الدال المعجمة 183
47 حرف الضاد المعجمة 183
48 حرف الظاء المعجمة 183
49 حرف الغين المعجمة 184
50 خاتمة في نكت وغرائب ولطائف وعجائب 185
51 فصل في كيفية هضم الغذاء وفساده 191
52 فصل في مقدار الماء الذي يشربه المهموم عند العطش 191
53 فصل في الفصد والاستفراغ والجذب ودوائها 191
54 فصل في المعاجلة بالدواء الواحد خير من المعاجلة بالمركب 192
55 فصل في كان حكماء اليونان إذا أشكل عليهم حال المريض خلوا بينه وبين الطبيعة 192
56 فصل إذا قال الأطباء كزرة يابسة فمرادهم حشيشتها لا بزرها وفوائد مختلفة 192
57 فصل في كيفية محبة الرجال والنساء 192
58 فصل في علاج من سقى المرتك 193
59 دعاء آخر السنة 196
60 فصل في التحييرات المجربة 197