خزانة الأدب - البغدادي - ج ٢ - الصفحة ٣٤
فقول الشارح هنا إنما وجب حذف الفعل لأن المقصود من مثل هذا الحصر أو التكرير وصف الشيء بدوام حصول الفعل منه ولزومه له ووضع الفعل على الحدوث والتجدد مشكل لأنه هنا جملة اسمية خبرها فعل مضارع أو اسم فاعل دل على الحدوث لعمله فهي للاستمرار التجددي لا الدوامي وحينئذ لا فرق بين ذكر العامل وحذفه لأن التقدير: ما زيد إلا يسير سيرا وزيد يسير سيرا فكيف جعل الغرض من هذا الحصر أو التكرير وصف الشيء بدوام حصول الفعل منه ولزومه له مع أن الجملة اسمية خبرها مضارع فإن أجيب: بأن الجملة إنما أفادت مع الحصر أو التكرير الدوام الثبوتي للزوم حذف العامل ورد عليه الجملة الاسمية التي خبرها ظرفية إذا قدر المتعلق فيها فعلا فإنها لا تفيد الدوام الثبوتي مع لزوم حذف العامل.
فإن أجيب: بأن الدال على الدوام الثبوتي إنما هو الحصر أو التكرير لا الجملة الإسمية التي قدر خبرها فعلا كما يدل عليه قوله بعد ذلك لم يكن فيه معنى الحصر المفيد للدوام ورد عليه أن كلامهم مطلق لم يقيد بهذا القيد.
وقول الشارح: وإن كان يستعمل المضارع في بعض المواضع للدوام لا يخلو عن بحث فإن ظاهره) أن الدوام الذي يفيده المضارع ثبوتي لا تجددي إلا أن يقال: مراده مطلق الدوام وإن كان مختلفا وهذا لا يناسب أول كلامه. وقوله: وذلك لمشابهته لاسم الفاعل إن حمل اسم الفاعل على العامل فدوامه تجددي لا ثبوتي وإن حمل على غير العامل فهو يفيد الاستمرار الدوامي لا التجددي بالقرينة والحمل عليه لا يناسب لأن المضارع لا يفيد ذلك بل يفيد الاستمرار التجددي.
وقوله: فلما كان المراد التنصيص على الدوام واللزوم لم يستعمل العامل أصلا يريد أنه قد علم أن الدال للدوام عنده هو الحصر أو التكرير فالتزم حذف ما دلالته تنافي ذلك وهو العامل لأنه: إما فعل وهو موضوع للتجدد واستعماله في الدوام إذا كان مضارعا ليس وضيعا بل بالقرائن فنظرنا إلى أصل الوضع والتزمنا حذفه وفيه أن المحذوف كالثابت كما يدل عليه كلامهم في متعلق الظرف الواقع خبرا إذا قدر بالفعل.
وقوله: أو اسم فاعل وهو مع العمل كالفعل أي: للتجدد فلا يفيد الاستمرار وضعا وإن استعمل فيه بمعونة القرائن وفيه أيضا أن المحذوف كالثابت
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»