خزانة الأدب - البغدادي - ج ٢ - الصفحة ٣٣
اعجبوا لتلك الفعلة قضية. وقضية هنا بمعنى مقضية. وروى: عجبا بالنصب على أنه مصدر نائب عن أعجب.
واعلم أن الشارح المحقق حقق هنا أن المصدر المنصوب بعد حذف عامله يفيد الدوام وإذا رفع وجعل خبرا أفاد زيادة وهي المبالغة في الدوام.
وهذا مناقض لكلامه في باب المبتدأ في سلام عليك من أن النصب بعد حذف الفعل يدل على الحدوث فعدل إلى الرفع للدلالة على الدوام قال الدماميني في شرح التسهيل: الحق ما قاله الرضي في باب المفعول المطلق بخلاف ما قاله في المبتدأ فإنه غير مرضي.
أقول: لو عكس القضية لكان أظهر فإنه مع النصب الصريح كيف يفيد الدوام مع أن الجملة فعلية والتزام الحذف لا ينافيه كما في الظرفية الواقعة خبرا إذا قدر المتعلق فعلا مع أن الجملة اسمية ومع هذا فلم يجعلوها للدوام الثبوتي فإن ادعى أن العامل مضارع أو اسم فاعل وأن كلا منهما محمول على الاستمرار التجددي لا الدوامي ورد عليه أن هذا يحصل مع الذكر) فتخصيص الحذف به مما لا داعية إليه مع أن هذا ليس مرادا له بل مراده حصول الاستمرار الثبوتي مع النصب. وكلام الشارح هنا مخالف لكلام علماء المعاني قال السيد في شرح المفتاح: إن الاسم كعالم مثلا يدل على ثبوت العلم لمن حكم به عليه وليس فيه تعرض لاقترانه بزمان وحدوثه فيه ولا لدوامه. نعم لما كان اسم الفاعل جاريا على الفعل جاز أن يقصد به الحدوث بمعونة القرائن كما في ضائق ويجوز أن يقصد به الدوام أيضا في مقام المدح والمبالغة وكذا حكم اسم المفعول وأما الصفة المشبهة فلا يقصد بها إلا مجرد الثبوت وضعا أو الدوام باقتضاء المقام.
والجملة الاسمية إذا كان خبرها اسما فقد يقصد بها الدوام والاستمرار الثبوتي بمعونة القرائن وإذا كان خبرها مضارعا فقد يفيد استمرارا تجدديا وهذه الإفادة أيضا بمعونة القرائن كما في: الله يستهزئ بهم لكن هذا الاستمرار التجددي مستفاد من المضارع في الحقيقة وفائدة الجملة الإسمية ها هنا تقوي الحكم فليس كل جملة اسمية مفيدة للدوام فإن قولك: زيد قام يفيد تجدد القيام.
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»