نظرية عدالة الصحابة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٩٠
4 - ظفر الغالب ونجاحه أصبح الغالب - أي غالب وأيا كان - هو الظافر، وهو سيد الموقف، وهو إمام المسلمين ورئيس دولتهم، وهو مرجعهم في كل الأمور الدينية والدنيوية، وهو الحائز لكل وسائل القوة، بيده السيطرة الكاملة على كل موارد الدولة يعطي لمن يشاء ويمنع العطاء عمن يشاء، لا رقيب عليه إلا الله ومقدار دينه، وهو القائد العام لجيوش الإسلام يستعملها لتحقيق الأمنين الخارجي والداخلي ولتطويع الرعية رغبة ورهبة، وهو المسيطر سيطرة تامة على وسائل الإعلام، فلو شاء جعل الأبيض أسود، ولو شاء جعل الأسود أبيض، ويمكنه بسيطرته على وسائل الإعلام أن يجعل القزم عملاقا وأن يحول العملاق إلى قزم، وتحول مؤيدوه إلى واجهة له بيدهم الحل والعقد، ومع الأيام أصبحوا مراجع. فهم يتبنون وجهة نظر الغالب ويستعملون وسائله بالمرجعية، فهم سادات المجتمع، وهم الفراقد المتألقة، وإذا سار معهم أي واحد قادوه إلى نقطة الارتكاز ومحور الهداية - أي عين ما يراه الغالب. وعزف العامة على ذات الوتر واتحدت الأمة على هذه الشاكلة، وكلما مضت سنة ترسخت هذه السنة وتوطدت، وكلما مر عقد ضربت جذورها في الأرض وأصبحت رأيا عاما وقناعة وعقيدة سياسية.
5 - عزل العترة الطاهرة بهذا المناخ نادت العترة الطاهرة بالشرعية، وقالت إن لها حقا وتطالب به، ولكن الناس يحولون بينها وبين حقها الشرعي. كانت معارضة أبي الحسن لأبي بكر معارضة متحضرة وشرعية ومنطقية جدا بشهادة بشير بن سعد أول من بايع أبا بكر حيث قال عندما سمع حجة الإمام: " لو كان هذا الكلام سمعته منك الأنصار يا علي قبل بيعتها لأبي بكر ما اختلف عليك اثنان " (1).
ولكن تبقى السلطة سلطة، وتبقى المعارضة معارضة، ولا يمكن بالفطرة للقائمين على السلطة أو للسلطة بأي مقياس أن تثق سياسيا بالمعارضة ولا أن تسلم للمعارضة مكتسباتها. ولكن لأن فاطمة بنت محمد بجانب الإمام علي، فقد رؤي

(1) الإمامة والسياسة ص 12 على سبيل المثال.
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الأول: مفهوم الصحبة والصحابة المقدمة 3
2 الفصل الأول: مفهوم الصحبة والصحابة 10
3 الفصل الثاني: نظرية عدالة الصحابة عند أهل السنة 19
4 الفصل الثالث: نقض النظرية من حيث الشكل 33
5 الفصل الرابع: نظرية عدالة الصحابة عند الشيعة 59
6 الفصل الخامس: بذور للتفكر في نظرية عدالة الصحابة 63
7 الفصل السادس: طريق الصواب في معرفة العدول من الأصحاب 69
8 الباب الثاني: الجذور التاريخية لنظرية عدالة كل الصحابة الفصل الأول: الجذور التاريخية لنظرية عدالة كل الصحابة 83
9 الفصل الثاني: الجذور السياسية لنظرية عدالة كل الصحابة 97
10 الفصل الثالث: ما هي الغاية من ابتداع نظرية كل الصحابة عدول 107
11 الفصل الرابع: الجذور الفقهية لنظرية عدالة الصحابة 115
12 الفصل الخامس: الآمال التي علقت على نظرية عدالة الصحابة 139
13 الباب الثالث: المرجعية الفصل الأول: المرجعية 151
14 الفصل الثاني: العقيدة 157
15 الفصل الثالث: من هو المختص بتعيين المرجعية 163
16 الفصل الرابع: مواقف المسلمين من المرجعية بعد وفاة النبي (ص) 169
17 الفصل الخامس: المرجعية البديلة 181
18 الفصل السادس: من هو المرجع بعد وفاة النبي (ص) 195
19 الباب الرابع: قيادة السياسية الفصل الأول: القيادة السياسية 213
20 الفصل الثاني: القيادة السياسية 221
21 الفصل الثالث: الولي هو السيد والإمام والقائد 231
22 الفصل الرابع: تزويج الله لوليه وخليفته نبيه 239
23 الفصل الخامس: تتويج الولي خليفة للنبي 247
24 الفصل السادس: بتنصيب الإمام كمل الدين وتمت النعمة 257
25 الفصل السابع: المناخ التاريخي الذي ساعد على نجاح الانقلاب وتقويض الشرعية 271
26 الفصل الثامن: مقدمات الانقلاب 287
27 الفصل التاسع: مقاصد الفاروق وأهدافه 301
28 الفصل العاشر: تحليل موضوعي ونفي الصدفة 311
29 الفصل الحادي عشر: تجريد الهاشميين من كافة الحقوق السياسية 331