لقد شيعني الحسين (ع) - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ٢١٦
عثمان، فقال: هو محصور. قال عمرو: أنا أبو عبد الله، قد يضرط العير والمكواة في النار (139).
كذلك كان عمرو بن العاص، تحركه المصلحة، وتملي عليه في الاختيارات الانتهازية. تحرك ضد عثمان لما عزله، ولم يوسع عليه في الإمارة مثل ما فعل بمعاوية. وهو لا يهمه أن تتقوى عشيرة بني عبد مناف. فهو أصلا لم يحص له التاريخ نسبا يفتخر به، وقد عرف بابن النابغة، لأنه وليد نمط معين من الزنا كان معروفا لدى الجاهليين (140)، فهو ليس ابن الفراش، لذا فإن ظروفه النفسية والاجتماعية مهيأة لسلوك هذا النوع من الاختيارات المزدوجة. فكان الدافع الاقتصادي والعشائري، إحدى محفزاته ضد عثمان. وكان بإمكان معاوية أن يذود عن عثمان ويمنع عنه الثوار ولو بالقمع. وكانت أمامه مندوحة للتعجيل بالقدوم، لنصرة عثمان بجيش الشام. غير أن معاوية أبى إلا أن يمارس دهاءه البطئ والهادئ. إنه لا يريد لعثمان أن يقتل ولكنه في سبيل الملك قد يفعل.
وكان قد كتب إليه عثمان أن يعجل في المجئ إليه، فتوجه إليه في اثني عشر ألفا، ثم قال: كونوا بمكانكم في أوائل الشام، حتى آتي أمير المؤمنين لأعرف صحة أمره، فأتى عثمان، فسأله عن المدة، فقال: قد قدمت لأعرف رأيك وأعود إليهم فأجيئك بهم. قال: لا والله، ولكنك أردت أن أقتل فتقول: أنا ولي الثأر.
إرجع، فجئني بالناس! فرجع، فلم يعد إليه حتى قتل (141).
كانت هناك شريحة في داخل جهاز السلطة العثماني، تريد أن تركب موجة التغيير، لتغير مجراها إلى قصيتها. ورموز هذا التيار، هما (معاوية بن أبي سفيان) و (عمرو بن العاص). ذلك إن معاوية وبحكم النفوذ الواسع الذي اكتسبه في بلاد الشام، حيث أصبح واسع الإمارة، لما انضافت إليه إمارة فلسطين

(139) - التاريخ الكامل لابن الأثير / ج 3 ص 163.
(140) - هو أن يدخل مجموعة من الرجال على امرأة يطؤونها، فإذا حملت، تختار واحدا منهم، وتشير إليه، فيلحق به الولد.
(141) - تاريخ اليعقوبي / ج 3 / ص 175.
(٢١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 7
2 الاهداء 11
3 المقدمة 13
4 لماذا الرجوع إلى التاريخ؟ 19
5 لماذا الحديث عن الشيعة والسنة 23
6 مدخل 29
7 ثم ماذا 33
8 الفصل الأول: كيف كان تصوري للتاريخ الاسلامي؟ 39
9 الخلافة الراشدة 43
10 الفصل الثاني: مرحلة التحول والانتقال 55
11 الفصل الثالث: وسقطت ورقة التوت! 69
12 كلمة البدء 71
13 الزرادشتية الإيرانية والتشيع 87
14 وأثرت السؤال 93
15 الفصل الرابع: من بؤس التاريخ إلى تاريخ البؤس! 99
16 رحلة جديدة مع التاريخ 101
17 سيرة الرسول: المنطلق والمسيرة! 103
18 السقيفة 125
19 الوفاة وملابساتها 127
20 عصر ما بعد السقيفة 149
21 عمر بن الخطاب مع الرعية 161
22 الخلافة وبعد وفاة عمر 181
23 عثمان أو الفتنة الكبرى 191
24 مقتل عثمان.. الأسباب والملابسات 213
25 بيعة الإمام علي (ع) 225
26 صفين: مأزق المآزق! 243
27 ما حدث به خلافة الحسن (ع) 267
28 الامام الحسن والواقع الصعب 273
29 قتل الحسن.. المؤامرة الكبرى 287
30 واشر أب الملك بنفسه 291
31 وملك يزيد 295
32 ملحمة كربلاء 297
33 لقد شيعني الحسين 313
34 الفصل الخامس: مفاهيم كشف عنها الغطاء 323
35 مفهوم الصحابي 325
36 نماذج وباقات 329
37 أبو بكر 331
38 عائشة بنت أبي بكر 337
39 ايديولوجيا المنطق السلفي 349
40 ليس كل الصحابة عدول 353
41 بعض الصحابة سيرتد، بالنص 355
42 مفهوم الإمامة 359
43 الفصل السادس: في عقائد الإمامية 381
44 البداء 399
45 وأخيرا 405