على خطى الحسين (ع) - الدكتور أحمد راسم النفيس - الصفحة ٩١
يطلبون الدنيا بعمل الآخرة، يلبسون جلد الضأن تحتها الذئاب والنمور، ليظن الناس أنهم من الزاهدين في الدنيا يراؤون الناس بأعمالهم ويسخطون الله بسرائرهم، فادعوا الله أن يقضي لهذه الأمة بالخير والإحسان فيولي أمرها خيارها وأبرارها ويهلك فجارها وأشرارها، ارفعوا أيديكم إلى ربكم وسلوه ذلك، فيفعلون ".
ويكفيه أنه جمع بني هاشم جميعهم في سجن عارم، وأراد أن يحرقهم بالنار فجعل في فم الشعب حطبا كثيرة، فأرسل المختار أبا عبد الله الجدلي في أربعة آلاف فارس فما شعر بهم ابن الزبير إلا والرايات تخفق بمكة فأخرج الهاشميين قال المسعودي: " وكان عروة بن الزبير - من أعلام الرواة والمحدثين - يعذر أخاه عبد الله في حصر بني هاشم في الشعب وجمعة الحطب ليحرقهم ويقول: إنما أراد بذلك أن لا تنتشر الكلمة ولا يختلف المسلمون وأن يدخلوا في الطاعة فتكون الكلمة واحدة، كما فعل عمر بن الخطاب ببني هاشم لما تأخروا عن بيعة أبي بكر فإنه أحضر الحطب ليحرق عليهم الدار " (1).
إننا أمام واقع لا بد من إيراده، كما هو، بغض النظر عما لدنيا من انطباع وتخيلات عن هذا الشخص أو ذلك. كان ابن الزبير يشكل نموذجا اختلط فيه الدين بالأهواء، نموذج يتكرر على مدى الأزمنة وخاصة في زماننا هذا: حيث يستفيد أمثال هؤلاء " الذين طلبوا الدنيا بعمل الآخرة " من حالات الخلخلة التي تمر بها المجتمعات الإسلامية

(1) شرح النهج البلاغة لابن أبي الحديد 5 / 495.
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 5
2 تمهيد: رؤيا النبي صلى الله عليه وآله وسلم ملوك السوء يرتقون منبره 7
3 1 - التحذير من أرباب السوء 7
4 2 - الدعوة إلى نصرة سبطه الحسين 7
5 3 - محاولة اغتيال فاشلة 8
6 تعيين جماعة المنافقين 10
7 الفصل الأول: أبناء الشجرة الملعونة رواد الفتنة في الإسلام 13
8 1 - خطاب رواد الفتنة، الخارجين على القيادة الشرعية 15
9 2 - خطاب قيادة الأمة الشرعية 23
10 3 - مفهوم الفتنة، والعجز عن الوقوف مع الحق 27
11 4 - التحكيم: خديعة الذين جعلوا القرآن عضين 29
12 أسباب قبول التحكيم 32
13 هدنة في صراع يمتد قرونا 38
14 الفصل الثاني: تحقق الرؤيا وقيام ملك " أرباب السوء " 43
15 1 - مسؤولية من أرادها أموية وكرهها إسلامية 45
16 2 - خطبة الافتتاح وشريعة ملوك السوء 45
17 3 - مواجهة التزييف، وإحياء قيم الإسلام 49
18 4 - محاولة تحويل " النهج الأموي " إلى قدر أبدي 51
19 5 - امتداد المالك: يزيد ولي عهد 52
20 الفصل الثالث: الثورة الحسينية: النهوض بمهمة حفظ الدين 59
21 1 - نهج الثورة الحسينية والقول الفصل 62
22 2 - التمهيد للثورة 64
23 3 - التصميم والتخليط 71
24 4 - ضرورات المرحلة ونماذج رجالاتها 85
25 5 - اكتمال عناصر التحرك 93
26 6 - الهجرة الثانية: من مكة إلى الكوفة 95
27 7 - في الطريق إلى كربلاء 101
28 8 - محاولات إخفاء الحقيقة: ابن كثير يناقض نفسه 104
29 الفصل الرابع: كربلاء، النهوض بالأمة المنكوبة 111
30 1 - الموقف الحسيني معيار وقدوة 113
31 2 - نماذج أناس باعوا آخرتهم بدنيا غيرهم 118
32 3 - إمامة الحق في مواجهة إمامة الباطل 121
33 4 - إقامة الحجة وبيان الحقيقة 123
34 5 - محاولة استنهاض الأمة الحر الرياحي نموذج المسلم المنيب 126
35 6 - الحلقة الجوهرية في مسلسل الصراع بين الحق والباطل 134
36 7 - معاني خروج حرائر آل البيت 135
37 8 - من يقيل عثرة الأمة المنكوبة؟ 147