دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين - صالح الورداني - الصفحة ٤٩
إذ كيف يعقل أن يترك الرسول (ص) القرآن مشتتا هنا وهناك في صدور الرجال. إن ذلك يتنافى مع دوره ومهمته كرسول خاتم..
يروى عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: كنت أكتب كل شئ أسمعه من رسول الله (ص) (فنهتني قريش) (1)..
قالوا: تكتب كل شئ سمعته عن رسول الله. ورسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضا..؟
فأمسكت عن الكتابة. فذكرت ذلك لرسول الله فأومأ بإصبعه إلى فيه وقال:
" أكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حق " (2)..
وهذه الرواية تكشف لنا عدة دلالات هامة:
أولا: أن هناك جبهة كانت تتولى الكتابة عن الرسول..
ثانيا: أن هناك جبهة كانت ضد كتابة كلام الرسول..
ثالثا: أن هناك أمر من الرسول بكتابة كلامه.
رابعا: أن هذه الجبهة تنظر إلى الرسول على أنه صاحب أحوال وذو شخصية متقلبة.
ويروي البخاري أنه لما حضر النبي (ص) - أي في مرض الموت - وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب. قال (ص): " هلم أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ". قال عمر: إن النبي - يهجر - وقد غلبه الوجع وعندكم كتاب الله فحسبنا كتاب الله واختلف أهل البيت واختصموا وانقسموا إلى حزبين. حزب مع عمر.
وحزب يطالب بكتابة الوصية (3)..

(١) يقصد بقريش هنا المهاجرين أمثال عمر وطلحة. أبي بكر وسعد وعثمان وكانوا ينكلون جبهة مستقلة في المدينة. ومنع ابن عمرو هنا كان يهدف إلى عدم نشر روايات تمس شخصيات محددة وتفضحها..
(٢) رواه الدارمي وأبو داود وأحمد والحاكم..
(٣) كتاب العلم..
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست