دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين - صالح الورداني - الصفحة ١٤٨
ويروى عن الرسول قوله: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله " (1)..
وفي رواية: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله " (2)..
إن زمن هذه الرواية هو خلافة أبي بكر حين خرجت عليه العرب وأراد ردعهم فتصدى له عمر بقوله: كيف تقاتل الناس وقد قالوا لا إله إلا الله محمد رسول الله. وكان جواب أبي بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة.
وهذا الصدام الذي وقع بين أبي بكر وعمر يعود سببه إلى أن المسألة لا صلة لها بالشرع وأحكامه وإنما هي مسألة قبلية تتلخص في عدم الرضا عن أبي بكر كحاكم. ولو حسبت المسألة بأي حساب آخر كان ذلك مجانبة للحقيقة والصواب. إذ لو حسبناها بالحساب الشرعي فإننا نجد أن موقف عمر سليم من الناحية الشرعية لكونه يتحصن بنص منسوب للرسول. بينما أبو بكر يتحصن برأيه فقط..
من هنا فإن ظهور هذا النص في تلك الفترة من قبل عمر - راويه - في مواجهة أبي بكر إنما يعني أن هذا النص كان موجها للعرب وهم قد دخلوا في دين الله فمن ثم ليست هناك حاجة لقاتلهم من جديد. وهي وجهة نظر عمر. إلا أن أبا بكر أصر على موقفه لأسباب تتعلق بمستقبل نظامه واقتنع بها من نفس المنظور عمر متخليا عن النص الذي وجه بعد ذلك نحو الشعوب غير العربية. وأصبح سلاحا في يد الحكام يشهرونه ما بين الحين والآخر في وجه أصحاب الديانات الأخرى وفي وجه معارضة الإسلامية والقوى المناوئة لنظامهم والتي كانوا يدفعون بها في جيوشهم الغازية تحت شعار الجهاد في سبيل الله وإدخال الناس في دين الله. من أجل الخلاص منها (3)..

(١) مسلم كتاب الإيمان والبخاري كتاب الزكاة..
(٢) مسلم والبخاري كتاب الإيمان..
(3) أنظر قصة الحجاج بن يوسف مع عبد الرحمن بن الأشعث في غزوة دير الجماجم بكتب التاريخ.
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»
الفهرست