النبي ومستقبل الدعوة - مروان خليفات - الصفحة ٢٤
وصار يعتمد عليها كالكتاب والسنة؟ فهي لم ترد على لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم ينزلها الله على نبيه ولم يقس (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يستحسن، بل كان كما قال الله ﴿إن هو إلا وحي يوحى﴾ (١)، ولم يكن (صلى الله عليه وآله وسلم) يرى لرأيه واجتهاده دورا في التشريع، قال تعالى: ﴿إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله﴾ (2).
فالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يحكم بما يريه الله ولم يقل بما رأيته وبما قسته وبما استحسنته.
والملاحظ أن مصادر التشريع هذه محل خلاف بين العلماء، فتجد الحنفية قد أفرطوا في الاعتماد على القياس، بعكس الحنابلة الذين لم يعتمدوه إلا قليلا، أما أهل الظاهر فقد أنكروه مطلقا، وأنكر الشافعية والمالكية المصالح المرسلة، وأنكر الشافعي الاستحسان فقد ورد عنه: " من استحسن فقد شرع " (3).
ولنفترض وجود القياس والاستحسان... من ضمن مصادر التشريع، ولكن ألا تحتاج إلى بيان كامل لمعالمها وكيفية تطبيقها عمليا؟ وقد تقرر أصوليا: أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، ووقت الحاجة متحقق بموت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يبين معالم هذه المصادر ولم يطبق بعض الموارد عمليا.
إن نسبة هذه الرؤية السلبية لمستقبل الإسلام إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كانت ثغرة

(١) النجم: ٤.
(٢) النساء: ١٠٥.
(3) جميع كتب الأصول: مبحث الاستحسان.
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»
الفهرست