النبي ومستقبل الدعوة - مروان خليفات - الصفحة ١٧
مناقشة النظرية الأولى:
إن الناظر للوهلة الأولى في هذه النظرية يضع حولها مجموعة أسئلة وإشكالات، فالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مبعوث للعالمين، والإسلام هو خاتم الأديان، وظهوره على باقي الأديان أمر حتمي لا مفر منه، قال تعالى: ﴿ليظهره على الدين كله﴾ (1)، والقرآن باق إلى يوم القيامة فهو أبدي ولكل الناس، فكيف يترك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) معجزته الخالدة في صدور صحابته وفي العسب واللخاف؟
إن الصحابة راحلون عما قريب، وستأتي الأجيال تترى وتترى، فأين ستجد معجزة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لتؤمن به ولتعمل بقرآنه؟ هل يبحثون عنه في صدور الصحابة؟ فالصحابة أموات، ولا يمكن القول أنه كان في ذهن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقوم كل جيل بنقل القرآن عن الجيل الذي سبقه مشافهة، إذ لا دليل على هذا، وهو يؤدي إلى ضياع القرآن واندراس آياته، وقد وجدنا عبد الله بن مسعود ينكر المعوذتين من القرآن (2).
ولو افترضنا بقاء أمر القرآن كما هو عليه من عدم الجمع، لجاء التابعون وأنكروا بعض السور، تبعا لابن مسعود، وهذا الإنكار قد يحدث في كل

(١) الفتح: ٢٨.
(2) " فتح الباري " 8 / 604 وصحح ابن حجر ذلك.
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»
الفهرست