الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ٧٤
أما الغاية من ذلك فهو إقامة الحجة على الخلائق بما يشد ظهر المكلف ومعلوم حسب مباني الأصول، أن الحجة يترتب عليها المنجزية والمعذرية.
فإذا لم يكن الهدى مما يترتب عليه عذر المكلف، وتكليفه لن يكون ذلك الهدي حجة. وغاية القول أن المكلف بالمعذرية له الحق في أن يحتج على المشرع، في كونه نقد ما أمر به.
فلا يحاسب على تركه، ولا على ما سكت عنه لما في الأمر من قبح عقلي لوقوعه في مسألة قبح العقاب بلا بيان كما يترتب عليه الحساب والعقاب في حالة رفضه أو عدم خضوعه لذلك التكليف. وعليه، فإن غير الأئمة (ع) لم يكونوا مشرعين ولا هداة بل كانوا مكلفين فقط. وذاك هو حال من بايعهم. فهناك من الصحابة من كان يخالف الخلفاء، ولا يعتبر كلامهم حجة كما هو الشأن في زواج المتعة، عندما قبلوا الشهادة ورفضوا التحريم. وإذا قال القائل فعلوا مثل ذلك مع الأئمة قلنا إنهم أيضا فعلوه مع الرسول (ص) ووجه المفارقة هناك إن فعله مع الرسول (ص) والأئمة (ع) موجب للعقاب لمكان المنجزية ومقام التكليف.
فسعد بن عبادة لم يرتكب ذنبا بخروجه عن أبي بكر. بل إنه مثاب إذا ثبت أنه توخى منها صرف الإمامة إلى أهلها غير أن ابن عمر مثلا هو ممن خالف التكليف بخروجه عن علي (ع) والحسين (ع). فأساس الحجة هو إثبات المنجزية والمعذرية.
وعليها لم يكن أحد يرسل الكلام على الوجه المنجز غير الأئمة من أهل البيت (ع).
وحسبك من صرف معنى الراشدية عن الخلفاء المغتصبين، أفهم كانوا يرجعون في مشكلاتهم إلى الأئمة (ع) والحاجة هنا تنفي عنهم الهداية لأنهم فاقدين لها فمن ذلك أن يقول أبو بكر عن نفسه (أنا الخالفة) - كما تقدم - وهو ما لا يفيد الهداية وقوله:
" إن لي شيطان يعتريني، فإن استقمت فأعينوني وإن زغت فقوموني (46) ".

(46) الصواعق المحرقة ص 7 / الإمامة والسياسة، / ج 1 ص 2 / شرح النهج ج 2 ص 8.
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235