الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ٢٢٦
ثم تعالى لترى هل هي مسكرة خمرته أم أنها ليست كذلك. يقول الشعبي:
" شرب أعرابي من أداوة عمر فأغشي فحده عمر، ثم قال: وإنما: حده للسكر لا للشراب (18) ".
لقد استمر عمر في شربه للخمر حتى وفاته، ورخص لأهل الشام في ذلك حتى كان من الحق أن تعتبره عائشة خمرا حراما لا مجال للتخريج فيه.
لقد حج أبو مسلم الخولاني ودخل على عائشة زوج النبي (ص) فجعلت تسأله عن الشام وعن بردها فجعل يخبرها فقالت كيف تصبرون على بردها؟ فقال: يا أم المؤمنين أنهم يشربون شرابا لهم يقال له: الطلاء، فقالت: صدق الله وبلغ حبيبي سمعت حبيبي رسول الله (ص) يقول:
" إن أناسا من أمتي يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها (19) ".
فكيف بالله عليك أن يكون فاروق الأمة ممن يعبث بأحكام الله ويصعد منبر رسول الله (ص) بعد أن يكرع ما شاء له شيطانه علما أن الرسول (ص) قال:
" ما أسكر كثيره فقليله حرام (20) ".
ولا داعي للإطناب في ذلك إذ أن غايتنا من ذلك هو إيجاد مفتاح لشخصية عمر ولعبقريته التي نسجها عنه أدباءنا ومؤرخونا، وكيف لا يكون عبقريا وهو الذي رخص في شرب الخمر وجعلها دواءا له يساعده على الهضم ويسهل بطنه حين قال:
" إني رجل معجاز البطن أو مسعار البطن وأشرب هذا النبيذ الشديد فيسهل بطني (21) ".
ومن خلال هذا يمكننا القول إن ما عرف به عمر من التزام ديني قوي رفعه إلى مستوى الفاروق. لن يكون إلا حبكة مفتعلة، فالالتزام الديني لا يظهر من خلال

(١٨) العقد الفريد ٣ ص ٤١٦ / ابن عبد ربه.
(١٩) الإصابة ٣ ص ٥٤٦.
(٢٠) الترمذي في الصحيح ص ٣٤٢ / البيهقي في السنن ٨ ص ٣٩٦.
(٢١) ابن أبي شيبة، كنز العمال ٣ ص ١٠٩.
(٢٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235