الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ٢٠٥
وأي دين بقي لهم عندما زحزحوا الولاية الشرعية عن أهلها.
واعتبر عدم شهرة الوصية مقابل شهرة الصلاة، كدليل على عدم وقوع الأولى، وشبهته في ذلك واضحة، ذلك أن الشهرة لا تجبر الضعيف، ورب حديث تواتر نقله على ألسن الغوغاء وهو في أصله من مرفوعات الوضاعين، ورب حديث صحيح صريح، استضعفته يد السلطان، فصار في دهاليز الآحاد، وهبنا قبلنا طريقة برهانه، فإن أحاديث الوصية كما ذكرنا هي مما اشتهر وتواتر، وإن حديث الصلاة رغم إنه لا يفيد في هذا المقام هو مما شذ وضعف فأي شهرة باتت لحديث الصلاة، وبأي الحديث أنتم مؤمنون!.
ويشط النصب بابن خلدون فيقرر:
" ويدل ذلك أيضا على أمر الإمامة والعهد بها لم يكن مهما كما هو اليوم (143) ".
ويقول:
" فانظر كيف كانت الخلافة لعهد النبي (ص) غير مهمة، فلم يعهد فيها. ثم تدرجت الأهمية زمان الخلافة بعض الشئ (144) ".
أي إن الإمامة لم تكن ذات أهمية إلا مع تدهور الوازع الديني وذهاب الوصي وغياب المعجزة، وحلول العصبية محل ذلك، وهذا لعمري تناقض كبير، فها هو يعتبر أن الإمامة لم تكن تقوم على العصبية، ويعترف في ما سبق من كلام بما جرى من جدال داخل السقيفة على أساس أن الفريقين كانا يجادلان بالانتساب إلى العشيرة، كانتساب أبي بكر لقريش ورد عمر على الأنصار بنفس المنطق.
وليتني عرفت أي طريق يسلك ابن خلدون لأقتفي آثاره، ومن أي معين يغترف تبريره لكي أضبط قصده، إذ كيف تكون الإمامة غير مهمة في تلك الفترة، وهي مما أثار أشد الخلافات بعد رسول الله (ص) وفيها يقول الشهرستاني: ما استل سيف في الإسلام مثل ما استل في الإمامة (145).

(143) نفس المصدر ص 224.
(144) نفس المصدر ص 225.
(145) الملل والنحل / الشهرستاني.
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 209 210 211 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235