الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ١٨
" وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر " (2).
وكان مما قاله الرسول (ص) داعيا به ربه في تلك المعارك:
" اللهم إن تهلك هذه العصابة، لن تعبد في الأرض " (3).
فهذه الحروب التي قادها المشركون بقيادة بني أمية. لم تكن حروبا سهلة. بل إنها كلفت المسلمين خسائر كثيرة في الأموال والأرواح. وكان الوحي يعايش هذه المحنة عن كثب. وكثيرا ما لعن وواعد بالنار مشركي قريش. ونزلت آيات كثيرة تبشرهم بعذاب أليم.
وكما كان لمعسكر الشرك رموزه وقياداته، فإن المعسكر الإسلامي تمثلت رموزه وقياداته في بني هاشم وعلى رأسهم الرسول (ص) وعلي (ع). تكرست تلك العداوة بين الفريقين بين أبي سفيان ووزراءه من دهاقنة الشرك، ونبي الله محمد (ص) ووزيره علي (ع) عداوة أشد ما تكون العداوة.
وكان الفتح بمثابة منعطف مهم في حياة الجماعة المسلمة. فالإسلام سوف يتحول من مستوى العصابة والجماعة الثائرة، إلى مستوى الدولة. والشرك سوف يتحول إلى عكس ذلك، من تجمع مركزي إلى حالة ضعيفة وفاشلة. وهذا التحول الكبير في تجربة المسلمين كان له أثران: أحدهما إيجابي تجلى في قوة الإسلام وشمول حاكميته. والثاني نتج عن دخول تلك الاخلاط في الإسلام بمن فيهم الطلقاء الذين عفا عنهم الرسول (ص) بعد أن أمر بقتلهم ولو تعلقوا بأستار الكعبة.
إن الهزيمة العسكرية للشرك ليست كافية لتحسين إيمانهم، لقد انهزموا بعد أن نفذت كل حيلهم ومكايدهم لتحطيم الإسلام. وبعد أن نصبوا كل ما يملكون من حواجز، وأفرغوا كل ما في كنانتهم حتى الأهزع.
لقد دخل المشركون مرحلة جديدة من العمل وسلكوا استراتيجية الهدم من .

(2) 10 / الأحزاب.
(3) سيرة ابن هشام. في معركة بدر، ص 269 ج 2 ط 2 دار الكتاب العربي
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235