الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ١٣٦
هذه الفقرة التي ختم بها ابن خلدون حديثه عن مرض الرسول (ص) تنطوي على حبكة مقصودة وتناقضات مفضوحة. فأما الحبكة فهي تكمن في عملية الانتقاء للخبر الواحد الذي تكاثرت وجوهه كما سنرى. وتكمن من جهة أخرى في جعل الأمور كلها تدور بين يدي أسرة ابن أبي قحافة.
فهناك أبو بكر الذي أمره بالصلاة على الناس، وهناك عائشة التي اضطجع في حجرها وهناك عبد الرحمن بن أبي بكر الذي دخل بسواك أخضر. هناك تعلق شديد أبداه رسول الله (ص) بهذه الأسرة التيمية. فهو يرتاح إلى حجر بنت أبي بكر ويرتاح لصلاة أبيها، ويريد سواك أخيها عبد الرحمن ليستن به. وإنها لعمري من روائع البكرية وشطحاتها. وتتأكد لنا الحبكة هنا في أن ابن خلدون لم يحكي لنا عما قام به أهل بيت الرسول (ص) أين كان علي (ع) وأين كانت فاطمة (ع) والحسنين (ع) في هذا الحدث رغم إنه لم يمنعهم عنه جرف ولا سنح!!.
وما هو ذلك العهد الذي عهد به إلى علي (ع) في آخر عمره. وماذا جرى بينه وبين بضعته الطاهرة، التي أحبها وفضلها على نساء العالمين. فالحبكة هنا مقصودة وواضحة في ثنايا الخبر.
أما التناقض المفضوح فهو في ما ذكره ابن خلدون في مفتتح كلامه عن مرض الرسول (ص) قال: قال رسول الله (ص) " إن عبدا من عباد الله خيره الله بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عنده. وفهمها أبو بكر فبكى فقال: بل نفديك بأنفسنا وأبنائنا ".
فالكلام هنا واضح لا يحتاج إلى تأويل. إن أبا بكر أدرك بوعيه الثاقب أن الرسول (ص) مقبل على الوفاة. وأنه معرض لها ابتداء من تلك الساعة وفي أي لحظة من تلكم اللحظات. غير أنه في مختتم كلامه، قال:
" قال له أبو بكر: إني أراك قد أصبحت بنعمة الله وفضله كما نحب، وخرج إلى أهله في السنح (33) ".
فكيف يراه بخير وقد عصب رأسه وهو كما ذكر بن خلدون، كان يدخل يده

(33) نفس المصدر ص 466.
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235