الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ١٣٤
أقول وكيف يكون (أبو بكر) خليلا له وقد رده عن تبليغ براءة وأعطاها عليا (ع) ثم قال:
" أمرت ألا يؤدي عني إلا أنا أو أحد مني "، فلعلها القاصمة التي أيقظت حفيظة البكرية فراحت تبحث عن مقابل لهذه الفضيلة.
إن ابن خلدون يردف حديث الخلة بزيادة، قائلا " ولكن صحبته إخاء وإيمان حتى يجمعنا الله عنده ". فالرسول (ص) هنا يعتبر صحبته إخاء. وهذا لا وجه له فيما كان في حادثة الإيخاء. فلو كان الأمر كما أورد ابن خلدون. إذا لكان الرسول (ص) أولى بأن يتخذ له في حادثة الإيخاء أبا بكر أخا، تعويضا عن تلك الخلة التي تمناها له.
ولكن ابن خلدون في حديثه عن المؤاخات ذكر بأن الرسول (ص) آخى بين أبي بكر وخارجة ابن زيد. ولقد جاء في الأخبار بتواتر، " أن رسول الله (ص) آخى بين الناس، وترك عليا حتى بقي آخرهم، لا يرى له أخا فقال: يا رسول الله (ص) آخيت بين أصحابك وتركتني؟ فقال: إنما تركتك لنفسي، أنت أخي، وأنا أخوك، فإن ذكرك أحد، فقل.
أنا عبد الله وأخو رسوله، لا يدعيها بعدك إلا كذاب " (30).
وكذلك لو كان الأمر كذلك، إذن لكان أولى بأبي بكر أن يفوز بأخوة الرسول (ص) وبالمنزلة كما جاء في صحاح السنة " أما ترضى أن تكون مني بمنزل هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " (31).
هذه كلها قرائن تصرف الخلة عن أبي بكر. وتكشف عن أسباب التحريف والتزوير الذي قامت به البكرية وسار عليه العامة. وابن خلدون لا يجهل الصحاح. وهو الفقيه المالكي المتطرف. كيف أنه يتجاوز كل هذه الأخبار المتواترة ليركز على ما شذ وخالف. وذاك ضغن واضح منه.

(30) مسند أحمد بن حنبل.
(31) صحيح مسلم والبخاري وأبي داود والترمذي والنسائي وأحمد في مسنده.
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235