الإمامة وأهل البيت - محمد بيومي مهران - ج ١ - الصفحة ٤١١
ذلك أن الشيعة قد أدركت بعد هذه الفاجعة الأليمة، أن اقتلاع سلطان الغاصبين من بني أمية وغيرهم، لا تكفي فيه قوة السلاح، إنه إن عز النصر بسلاح الحرب، فلا بد من قوة معنوية تشد أزر القوة المادية، وليس ذلك إلا سلاح الفكر، إذ أن الكلمة أحيانا " أبقى أثرا "، وأشد تنكيلا " بالعدو من السيف، ومن ثم فقد بات لزاما " أن يكون للشيعة مذهب خاص، وإيديولوجية مثمرة في الإمامة، ولن يتسنى ذلك ما دامت تربطهم بأهل السنة وحدة الفكر، وهكذا جعلت فاجعة كربلاء انشقاق الشيعة عن جمهور المسلمين أمرا " مقضيا " (1).
على أن الصورة النهائية لعقائد الشيعة لم تظهر إلى حيز الوجود في أعقاب استشهاد الإمام الحسين مباشرة، وربما احتاج ذلك إلى عشرات من السنين حتى تتبلور هذه العقائد، عير أن الفرق التي تندرج تحت اسم الشيعة - المعتدلين فيهم - إنما قد بدأ ظهورها بعقائدها عقب مأساة كربلاء، منذ بدأت فرقة الكيسانية (2) التي تعتبر أولى الفرق التي ظهرت في التيار العام للحركة الشيعية، على اعتبار أن حركة ابن سبأ لا تدخل في هذا التيار العام، إذ صدرت عن باعث الفتنة، لا عن ينبوع العقيدة، من ناحية، ولأن حركة ابن سبأ إنما تعتبر بوجه عام - أولى حركات الغلاة، لا المعتدلين (3)، من ناحية أخرى، ولأن الشيعة أنفسهم لا يعترفون بها - هذا إن كان هناك من يدعى ابن سبأ حقا " -.
وهكذا يمكن القول إن التشيع كفكرة إنما لاحت في عصر النبوة مع العباس بن عبد المطلب في إلحاحه على الإمام علي بالاستفسار من النبي صلى الله عليه وسلم، عن البيعة والوصية الكتابية فرفض الإمام علي (4)، ولكنها ولدت ولادة صحيحة

(1) أحمد صبحي: الزيدية ص 6 - 17.
(2) أنظر عن الكيسانية (البغدادي: الفرق بين الفرق ص 38 - 53، الغرابي: تاريخ الفرق الإسلامية ص 288 - 289، الشهرستاني: الملل والنحل ص 147).
(3) أحمد صبحي: نظرية الإمامة ص 50.
(4) محمد حسين هيكل: حياة محمد ص 484 - 485.
(٤١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 406 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 7
2 الرأي الأول: أهل البيت: أزواج النبي 12
3 الرأي الثاني: أهل البيت: من حرمت عليهم الصدقة 16
4 الرأي الثالث: أهل البيت: النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين 17
5 الباب الأول 27
6 أولا ": الإمامة 27
7 ثانيا ": حكم الإمامة 30
8 ثالثا ": اختيار الإمام 50
9 رابعا ": شروط الإمام 62
10 خامسا ": عقد الإمامة 76
11 1 - الطريق الأول: البيعة 88
12 2 - الطريق الثاني: العهد 92
13 3 - الطريق الثالث: القهر والاستيلاء 96
14 سادسا ": طاعة الإمام 97
15 سابعا ": حقوق الإمام وواجباته 118
16 ثامنا ": ألقاب الإمام أو الخليفة 124
17 1 - الخليفة 126
18 2 - أمير المؤمنين 128
19 3 - الإمام 131
20 4 - الملك 132
21 تاسعا ": إمامة المفضول 151
22 عاشرا ": الإمامة عند الشيعة الإمامية 168
23 1 - العصمة: 186
24 2 - التقية: 207
25 1 - التقية في القرآن 208
26 2 - التقية في السنة 213
27 3 - التقية في الدليل العقلي 223
28 4 - التقية عند الخوارج 229
29 5 - التقية عند الشيعة 232
30 6 - التقية عند أهل السنة 241
31 3 - الرجعة 248
32 4 - المهدي 250
33 5 - البداء 263
34 6 - الجفر 265
35 7 - مصحف فاطمة 268
36 الباب الثاني: التشيع: بدايته وأصوله 275
37 1 - التشيع: أسبابه وبدايته 275
38 أولا ": منذ أيام النبي صلى الله عليه وسلم: 280
39 1 - عمار بن ياسر 288
40 2 - أبو ذر الغفاري 298
41 3 - سلمان الفارسي 314
42 ثانيا ": يوم وفاة الرسول 335
43 1 - وجهة نظر الأنصار 335
44 2 - وجهة نظر المهاجرين 336
45 3 - وجهة نظر بني هاشم 337
46 ثالثا ": منذ قصة الشورى 356
47 رابعا ": منذ أخريات أيام عثمان 373
48 خامسا ": منذ وقعة الجمل 384
49 سادسا ": منذ التحكيم 391
50 سابعا ": في أعقاب مأساة كربلاء 402
51 2 - أصل التشيع 412
52 3 - أسباب التشيع 428
53 المراجع المختارة 431
54 أولا ": المراجع العربية 431
55 كتب التفسير 434
56 ثانيا ": المراجع المترجمة 459
57 ثالثا ": المعاجم ودوائر المعارف 460