الإمامة وأهل البيت - محمد بيومي مهران - ج ١ - الصفحة ٣٤٨
وكان المسلمون إلى علي قريبا "، حين راجع الأمر المعروف (1).
ويناقش الدكتور طه حسين كل أوجه القضية فيقول: بقيت مسألتان خلط فيهما الرواة تخليطا " عظيما "، وليس بد من أن نتبين وجه الحق فيهما:
فأما الأولى: فبيعة علي لأبي بكر: فالرواة يختلفون فيها أشد الاختلاف، يقول قوم: إن عليا " بايع أبا بكر، حين بايعه غيره من المسلمين، وهؤلاء يختلفون فيما بينهم، فيزعم بعضهم أن عليا " كان جالسا " في داره وعليه قميص - ليس عليه إزار، ولا رداء - فجاءه من أنبأه بأن أبا بكر قد جلس للبيعة، وأن الناس يبايعونه، فأسرع علي إلى المسجد، وأعجله السرع عن أن يتخذ إزاره ورداءه، ومضى حتى بايع أبا بكر، ثم جلس وأرسل من جاءه بثوبه فجلله - وواضح ما في هذا من السرف.
وآخرون يزعمون أن عليا " أبطأ عن البيعة، وأبطأ معه الزبير بن العوام، فأرسل عمر من جاء بهما، ثم قال لهما: والله لتبايعا طائعين، أو لتبايعا كارهين - وواضح كذلك ما في هذا من الكذب.
فما كان أبو بكر ليخلي بين عمر، وبين العنف بعلي، إثر وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزوجه فاطمة حية، وإنما هذا الخبر متكلف، أريد به إلى إظهار أن عليا " لو ترك وشأنه ما بايع أبا بكر.
وكثير من الرواة يزعمون أن عليا " لم يبايع أبا بكر إلا متأخرا "، وأن بني هاشم صنعوا صنيعه، فامتنعوا على أبي بكر، وخالفوا جماعة المسلمين، وظلوا على هذا الخلاف ستة أشهر، حتى إذا توفيت فاطمة رحمها الله بايعوا.
وواضح في هذا من الكذب أيضا "، فما كان علي وبنو هاشم ليفارقوا جماعة المسلمين، وليتلبثوا حتى تموت فاطمة ثم يكون إقبالهم على البيعة، حين رأوا أن الناس قد انصرفوا عنهم، بعد موت فاطمة.

(١) صحيح البخاري ٥ / 177 - 178.
(٣٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 7
2 الرأي الأول: أهل البيت: أزواج النبي 12
3 الرأي الثاني: أهل البيت: من حرمت عليهم الصدقة 16
4 الرأي الثالث: أهل البيت: النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين 17
5 الباب الأول 27
6 أولا ": الإمامة 27
7 ثانيا ": حكم الإمامة 30
8 ثالثا ": اختيار الإمام 50
9 رابعا ": شروط الإمام 62
10 خامسا ": عقد الإمامة 76
11 1 - الطريق الأول: البيعة 88
12 2 - الطريق الثاني: العهد 92
13 3 - الطريق الثالث: القهر والاستيلاء 96
14 سادسا ": طاعة الإمام 97
15 سابعا ": حقوق الإمام وواجباته 118
16 ثامنا ": ألقاب الإمام أو الخليفة 124
17 1 - الخليفة 126
18 2 - أمير المؤمنين 128
19 3 - الإمام 131
20 4 - الملك 132
21 تاسعا ": إمامة المفضول 151
22 عاشرا ": الإمامة عند الشيعة الإمامية 168
23 1 - العصمة: 186
24 2 - التقية: 207
25 1 - التقية في القرآن 208
26 2 - التقية في السنة 213
27 3 - التقية في الدليل العقلي 223
28 4 - التقية عند الخوارج 229
29 5 - التقية عند الشيعة 232
30 6 - التقية عند أهل السنة 241
31 3 - الرجعة 248
32 4 - المهدي 250
33 5 - البداء 263
34 6 - الجفر 265
35 7 - مصحف فاطمة 268
36 الباب الثاني: التشيع: بدايته وأصوله 275
37 1 - التشيع: أسبابه وبدايته 275
38 أولا ": منذ أيام النبي صلى الله عليه وسلم: 280
39 1 - عمار بن ياسر 288
40 2 - أبو ذر الغفاري 298
41 3 - سلمان الفارسي 314
42 ثانيا ": يوم وفاة الرسول 335
43 1 - وجهة نظر الأنصار 335
44 2 - وجهة نظر المهاجرين 336
45 3 - وجهة نظر بني هاشم 337
46 ثالثا ": منذ قصة الشورى 356
47 رابعا ": منذ أخريات أيام عثمان 373
48 خامسا ": منذ وقعة الجمل 384
49 سادسا ": منذ التحكيم 391
50 سابعا ": في أعقاب مأساة كربلاء 402
51 2 - أصل التشيع 412
52 3 - أسباب التشيع 428
53 المراجع المختارة 431
54 أولا ": المراجع العربية 431
55 كتب التفسير 434
56 ثانيا ": المراجع المترجمة 459
57 ثالثا ": المعاجم ودوائر المعارف 460