الإمامة وأهل البيت - محمد بيومي مهران - ج ١ - الصفحة ٢٢٥
النفس، دون فائدة، وللمرء أن يضحي بنفسه أو يحافظ عليها، ولكن يحرم العمل بالتقية، إن كان ذلك ترويجا " للباطل (1).
ويذهب الشيخ المفيد (333 ه‍ / 944 م - 414 ه‍ / 1022 م) إلى أن التقية جائزة في الدين عند الخوف على النفس، وقد تجوز في حال دون حال، للخوف على المال، ولضروب من الاستصلاح (2).
هذا فضلا " عن أنها واجبة في الأقوال كلها عند الضرورة، وربما وجبت فيها، الضرب من اللطف والاستصلاح، وليس يجوز من الأفعال في قتل المؤمنين، ولا فيما يعلم أو يغلب أنه فساد في الدين (3) وهكذا كانت التقية واحدة من أهم عقائد الشيعة الإمامية، فرضتها الظروف السياسية، وما صاحبها من اضطهاد الشيعة، فاتقوا السلطان حفظا " للأرواح وقد أصبحت التقية صفة خاصة للشيعة الإمامية، وقد دانوا بها، امتثالا " لأمر الأئمة، فقد روي عن الإمام الصادق أنه قال: من لا تقية له، لا دين له (4).
ولعل من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن التقية إنما بدأت مع أحد الضعفاء، وكما أشرنا من قبل، مع سيدنا عمار بن ياسر (5)، رضي الله عنه،

(١) العاملي: أعيان الشيعة ١١ / ١٥٤ - ١٦٠.
(٢) محمد بن محمد بن النعمان الملقب بالشيخ المفيد: أوائل المقالات في المذاهب والمختارات ص ٩٦ (ط تبريز ١٣٧١).
(٣) نفس المرجع السابق ص ٩٧.
(٤) الطبرسي: مشكاة الأنوار في غرر الأخبار - النجف - ١٩٥١ ص ٣٩ وما بعدها.
(٥) ليس صحيحا " ما ذهب إليه الدكتور الشيبي من أن عمار بن ياسر، رضي الله عنه، كان عبدا " سابقا "، كما أنه ليس صحيحا " أن قصة تعذيبه كانت بعد الهجرة النبوية الشريفة إلى المدينة المنورة، قال الواقدي وغيره من أهل العلم بالنسب والخبر: إن ياسرا " والد عمار عرني قحطاني مذحجي من عنس، إلا أن ابنه عمار كان مولى لبني مخزوم، لأن أمه سمية كانت أمة لبعض بني مخزوم، وعن مجاهد: إن أول من أظهر إسلامه سبعة: رسول الله وأبو بكر وبلال وخباب وصهيب وعمار وأمه سمية، وعذبت أسرة ياسر في الله عذابا " شديدا "، وفي عمار نزلت: * (من كفر بالله من بعد إيمانه * إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) *، ومن المعروف أن الآية مكية والسورة مكية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يمر بعمار وأمه وأبيه، وهم يعذبون بالأبطح في رمضاء مكة، فيقول: صبرا " آل ياسر، فإن موعدكم الجنة.
وهاجر عمار إلى المدينة، وشهد بدرا " واحد والخندق وبيعة الرضوان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أول من بنى مسجدا " في الإسلام.
وظهر يوم اليمامة، واستعمله عمر بن الخطاب أميرا " على الكوفة، وكان من محبي الإمام علي بن أبي طالب وآل البيت، وحضر معه الجمل وصفين، واستشهد في صفين عام ٣٧ ه‍ (٦٥٧ م) وكان عمره ٩٤ أو ٩٣ أو ٩١ سنة (أنظر: أسد الغابة ٤ / ١٣٩ - ١٣٥، أنساب الأشراف 1 / 156 - 175).
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 7
2 الرأي الأول: أهل البيت: أزواج النبي 12
3 الرأي الثاني: أهل البيت: من حرمت عليهم الصدقة 16
4 الرأي الثالث: أهل البيت: النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين 17
5 الباب الأول 27
6 أولا ": الإمامة 27
7 ثانيا ": حكم الإمامة 30
8 ثالثا ": اختيار الإمام 50
9 رابعا ": شروط الإمام 62
10 خامسا ": عقد الإمامة 76
11 1 - الطريق الأول: البيعة 88
12 2 - الطريق الثاني: العهد 92
13 3 - الطريق الثالث: القهر والاستيلاء 96
14 سادسا ": طاعة الإمام 97
15 سابعا ": حقوق الإمام وواجباته 118
16 ثامنا ": ألقاب الإمام أو الخليفة 124
17 1 - الخليفة 126
18 2 - أمير المؤمنين 128
19 3 - الإمام 131
20 4 - الملك 132
21 تاسعا ": إمامة المفضول 151
22 عاشرا ": الإمامة عند الشيعة الإمامية 168
23 1 - العصمة: 186
24 2 - التقية: 207
25 1 - التقية في القرآن 208
26 2 - التقية في السنة 213
27 3 - التقية في الدليل العقلي 223
28 4 - التقية عند الخوارج 229
29 5 - التقية عند الشيعة 232
30 6 - التقية عند أهل السنة 241
31 3 - الرجعة 248
32 4 - المهدي 250
33 5 - البداء 263
34 6 - الجفر 265
35 7 - مصحف فاطمة 268
36 الباب الثاني: التشيع: بدايته وأصوله 275
37 1 - التشيع: أسبابه وبدايته 275
38 أولا ": منذ أيام النبي صلى الله عليه وسلم: 280
39 1 - عمار بن ياسر 288
40 2 - أبو ذر الغفاري 298
41 3 - سلمان الفارسي 314
42 ثانيا ": يوم وفاة الرسول 335
43 1 - وجهة نظر الأنصار 335
44 2 - وجهة نظر المهاجرين 336
45 3 - وجهة نظر بني هاشم 337
46 ثالثا ": منذ قصة الشورى 356
47 رابعا ": منذ أخريات أيام عثمان 373
48 خامسا ": منذ وقعة الجمل 384
49 سادسا ": منذ التحكيم 391
50 سابعا ": في أعقاب مأساة كربلاء 402
51 2 - أصل التشيع 412
52 3 - أسباب التشيع 428
53 المراجع المختارة 431
54 أولا ": المراجع العربية 431
55 كتب التفسير 434
56 ثانيا ": المراجع المترجمة 459
57 ثالثا ": المعاجم ودوائر المعارف 460