وناسوته ودحض البدع المضلة التي كان فسادها آنذاك قد تسرب إلى الكنيسة كبدع الدوكينيين والغنوسيين والكيرنشيين، والابيونيين. فقد زعم الدوكينيون والغنوسيون أن جسد المسيح لم يكن جيدا حقيقيا.
وأنكر الكيرنثيون لاهوته. وادعى الابيونيون أنه لم يكن كائنا قبل مريم أمه. ولهذا كانت غايته إثبات لاهوت المسيح " أما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله، ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمة " (20: 31). وإعلان مجده - " ورأينا مجده مجدا، كما لوحيد من الأب مملوءا نعمة وحقا " (1: 14).
والاستعارات التي تستهل بلفظة " أنا " أو " أنا هو " تريق نورا ساطعا على سر المسيح الإلهي الذي كان منذ البدء: " قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن " (يو 1: 1 و 8: 58 وقابل 13: 19). وليست لفظة أنا سوى تعبير للذات الإلهية (خر 3: 14). وهذه الكينونة تحمل في ذاتها زمانا وتاريخا.
وأما المسيح فهو وحيد الأب (يو 1: 14 و 18 و 3:
16 و 18).
" منذ البدء عند الله ". بادئ الكون.
" إله من إله ". " نور من نور ". " إله حق من إله حق " " مولود غير مخلوق " كما جاء في غرة الإنجيل، وفي قانون الإيمان النيقوي فيما بعد. ومجده هو مجد " النعمة والحق هما من خواص الذات الإلهية (خر 34: 6).
والرباط الإلهي بين الأب والابن هو المحبة (يو 15: 6).
وقد أعلن يسوع محبة الأب، لأن الأب دفع كل ما له للابن (يو 3: 35 و 13: 3 و 17: 2).
وقد عبر عن مجده الإلهي الذي ظهر بأجلى بيان في صليبه بهذه الكلمات: أنا هو " الخبز " (يو 6: 48)، " النور " (8: 12)، " الراعي " (10: 11 و 14)، " الباب " (10: 9)، " القيامة " (11: 25)، " الطريق " (14: 6)، " الكرمة " (15: 1 و 5) فالخبز يكسر. والنور يصارع الظلمة. والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف. والباب يعبر منه.
والقيامة تتبعها الحياة لأنه " إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتمت، فهي تبقى وحدها. ولكن إن ماتت فإنها تأتي بثمر كثير ". (12: 24). والطريق يداس. والكرمة تعصر.
ومن الأمور التي اختص إنجيل يوحنا بذكرها إرشاد يوحنا المعمدان تلاميذه إلى اتباع يسوع ص 1.
وتحويل المسيح الماء خمرا ص 2. وشفاؤه ابن خادم الملك ص 4. وشفاؤه المريض في بركة بيت حسدا ص 5. والأعمى في بركة سلوام ص 9. وإقامته لعازر من الموت ص 11. وحديثه مع نيقوديموس ص 3.
ومع المرأة السامرية ص 4. ومع الفريسيين عن لاهوته ص 5. وخطابه الوداعي لتلاميذه ص 14 - 16 وصلاته الشفاعية ص 17. وظهوره بعد قيامته لتلاميذه على بحر الجليل ص 21.
ويمكن تقسيم الإنجيل على هذا النحو:
1 - أصحاح 1: 1 - 18 الديباجة - وهي تعمق في سر التجسد.
2 - أصحاح 1: 19 - 51 شهادة يوحنا ليسوع وشهادة التلاميذ له وشهادة يسوع لنفسه.
3 - أصحاح 2 - 12 المسيح والعالم.
4 - أصحاح 13 - 17 المسيح وخاصته.
5 - أصحاح 18 - 20 آلام المسيح وموته وقيامته.