الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٦٣٧
رجل ذلك الانتظار. إن يوم الرب الذي أنبأ به العهد القديم، أي اليوم الذي فيه يتجلى الله ديانا للأبرار والفجار، هو، على ما يفهمه بولس، يوم المسيح، اليوم الذي يأتي في مجده، مجد ابن الله، لخلاص المؤمنين وهلاك الأشرار. في ذلك اليوم، يجب على المؤمنين أن يكونوا لا غبار عليهم.
يضاف إليه أن مجئ هذا اليوم ينتظر في مهلة قصيرة (4 / 15: نحن الباقين إلى مجئ الرب).
كان أبناء الجيل المسيحي الأول، وفيهم بولس، يعتقدون بأن عودة ربهم قريبة. وقد أوضح الرسول فكره في معرض كلامه على مسألة خاصة: أيا يكون مصير المسيحيين الذين يموتون قبل عودة المسيح؟
أتراهم، لأن مجئ الرب في المجد سيفوتهم، أقل حظا من المسيحيين الذين سيكونون أحياء؟ يظهر أن هذا السؤال خطر ببال الجماعات المسيحية في وقت مبكر. فإن عدم معرفة موعد عودة المسيح على وجه دقيق جعل كل مؤمن في خطر من أن يموت قبل اليوم المنتظر. فبدد بولس مخاوف مراسليه (4 / 13 - 18)، مبينا أن الرجاء يبقى ثابتا، لأنه مبني على قيامة المسيح وقدرة الله الذي أقام يسوع من بين الأموات. فالمسيحي ليس ميتا للأبد، ولن ينسى الذي قام من بين الأموات أحدا من ذويه، وسوف يشتركون جميعا في اليوم العظيم والمجد. متى حان الوقت، سيقوم الذين ماتوا أولا ويذهبون مع المسيحيين الأحياء إلى ملاقاة الرب ليكونوا معه للأبد.
يلقي بولس هذا التعليم، مستندا إلى ما قاله الرب (4 / 15) ومستعملا الاستعارات التقليدية الواردة في أدب الرؤى عند اليهود (صوت رئيس الملائكة وبوق الله المنبئ بقضائه). إنه لأمر ذو مغزى أن يرى بولس من العبث صرف الوقت في تحديد الأزمنة والآونة، في حين أنه يلح في مباغتة ذلك اليوم الذي سيأتي كالسارق في الليل. سيظن الناس أنفسهم في سلام فيدهمهم الهلاك (5 / 2 - 3). فعلى المسيحيين إذا أن يكونوا في هم من أمر واحد، وهو أن يكونوا مستعدين دائما أبدا لاستقبال سيدهم وللسهر المتواصل.
2) الرسالة الثانية: يختلف اهتمام الكاتب في الرسالة الثانية اختلافا تاما عنه في الرسالة الأولى. اعتقد بعض المسيحيين أن عودة المسيح وشيكة، فأخذوا يتصرفون في سيرتهم كما لو كان يوم الرب قد حضر، متذرعين بتعليم للرسل أساؤوا فهمه (2 تس 2 / 1 - 2). فإن بعض أعضاء الجماعة يسيرون سيرة باطلة (3 / 6). والراجح أنهم أبطلوا ما تفرضه الحياة اليومية وأهملوا عملهم (3 / 10 - 12). ما ورد في الفصل الثاني من توضيح للأحداث التي لا بد من وقوعها قبل مجئ الرب يوافق هذه الحالة، فإنه يهدف إلى دفع كل استباق خداع ومحاربة كل وهم، أجل، إن المسيح سيأتي ليعاقب غير المؤمنين ويشرك المؤمنين في مجده (1 / 8 - 10)، فإن هذا المجئ لن يكون مع ذلك إلا بعد سلسلة من التقلبات كالتي أكدت الرؤى اليهودية دائما حدوثها في كلامها على الأزمنة الأخيرة، وكما أنبأ بها يسوع هو بنفسه، على ما ورد في الأناجيل (مر 13 وما يوازيه في متى ولوقا).
ويمكن تلخيص سير الأحداث على هذا الوجه:
- الشيطان يعمل في هذا العالم منذ اليوم، يشهد عليه ما يعانيه المسيحيون من الاضطهاد، ويقسم العالم قبل كل شئ بين المؤمنين والكفار. غير أن هذا الكفر سيزداد يوما بعد يوم، وسينتشر الكذب والظلم وسيصبح التضليل (الوهم) أسوأ خطر، فيخشى أن يحسب الباطل حقا والظلم عدلا.
(٦٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 632 633 634 635 636 637 638 639 640 641 642 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة