أشد الجهاد - الشيخ داود الموسوى البغدادى - الصفحة ١١
فروع القول الإجماع ونحن نذكر بعضها (فنقول الفرع الأول) مذهبنا الإجماع لا ينعقد إلا بقول العلماء الذين يمكنهم استنباط أحكام الله من نصوص الكتاب والسنة وهؤلاء هم المسمون بأهل الحل والعقد في كتب أصول الفقه فنقول الآية دالة عليه لأنه تعالى أوجب طاعة أولي الأمر والذين لهم النهي والأمر في الشرع ليس إلا هذا الصنف من العلماء لأن المتكلم الذي لا معرفة له بكيفية استنباط الأحكام من النصوص لا اعتبار بأمره و نهيه وكذلك المفسر والمحدث الذي لا قدرة له على استنباط الأحكام من القرآن والحديث فلما دلت الآية على أن إجماع أولي الأمر حجة علمنا دلالة الآية على أنه ينعقد الإجماع بمجرد قول هذه الطايفة من العلماء ثم ذكر الله في الآية في هذه السورة وهي قوله تعالى ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم فقال الفخر الرازي فيه مسائل (الأولى) في أولي الأمر قولان أحدهما إلى ذوي العلم والرأي منهم والثاني أمراء السرايا ورجح الأول بأن العلماء إذا كانوا عالمين بأوامر الله ونواهيه كان يجب على غيرهم قبول قولهم له وحينئذ لا يبعدوا أن يسموا أولي الأمر من هذا الوجه ويدل عليه ليتفقهوا في الدين وينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون فأوجب الحذر بإنذارهم وألزم المنذرين قبول قولهم فجاز بهذا المعنى إطلاق أولي الأمر عليهم ثم قال فنقول الآية دالة على أمور (أحدها) أن في الأحكام ما لا يعرف بالنص بل بالاستنباط (ثانيها) أن الاستنباط حجة (ثالثها) أن العامي يجب عليه تقليد العلماء في أحكام الحوادث انتهى كلام الفخر فإن قلت فهؤلاء الناس الذين يدعون الاجتهاد في هذا الزمان يقولون إنا من العلماء وإنا داخلون في حكم الآية قلت أولا اتفق أهل الأصول أن غير المجتهد المطلق ولو كان عالما يسمى عاميا مقلدا وثانيا ينصرف هذا الإطلاق إلى الفرد الكامل من العلماء وهم المجتهدون المستنبطون ولا شك أن هؤلاء معدوم منهم الاستنباط بل هو منهم محال وذلك أن هذا المدعى إنما تعلم العلم من كتب فروع المذاهب وفهم ما فهمه منها ولو أنصف وترك ما تعلم فليستنبط لنا كم مسألة فمن أين يأتي لنا بغير ما في المدونة للمذاهب ومن أين له أصول غير ما أصلوه وفروع غير ما فرعوه فإنهم الذين وضعوا أصل الفقه وفرعه من
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»