إتحاف أهل الزمان - عمر غامسوري - الصفحة ١٢
دواوينهم وتعليقاتهم وقسموا الزيادة إلى أقسام وأوضحوا ما تلخص لديهم من الأحكام وذلك أن الزيارة إن كانت للاتعاظ والاعتبار، فلا فرق في جوازها بين قبور المسلمين والكفار، وإن كانت للترحم والاستغفار من الزائر، فلا منع فيها إلا في حق الكافر، فإن الشريعة أخبرت بعدم غفران كفره، وعليه حملوا قوله تعالى: " ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره " (1). وإن كانت الزيارة لاستمداد الزائر من المزور، وتوخي المكان الذي فضله مشهور، والدعاء عند قبره لأمر من الأمور، فلا حرج فيها ولا محظور، بل هو مندوب إليه، ومرغب فيه، وأنه مما تشد المطي إليه، ومن خالف في هذا الحكم سبيل جمهورهم، واتبع من الشبهات مخالف منشورهم، فقد شدد العلماء في النكير عليه، وسددوا سهام النقد إليه، وأشرعوا نحوه رماح التضليل، وأرهفوا له سيوف التجهيل، واتفقت كلمتهم على بدعته في الاعتقاد، وثنوا إليه عنان الانتقاد، " ومن يضلل الله فما له من هاد ".
وأما النهي الوارد في شد المطي لغير المساجد الثلاثة فإنما هو بالنسبة لنذر الصلاة فيها، فإنه لا يختلف ثواب الصلاة لديها.
وأما المزارات فتختلف في التصريف مقاماتها، وتتفاوت في ذلك كراماتها، وذلك لسر في الاستمداد لا تطلع عليه، وضرب بسور له باب بينك وبين الوصول إليه، وقد أوضح ذلك حجة الإسلام، ومن شهد له بالصديقية العلماء والأولياء العظام.
وأما إدماجكم لقبور الأنبياء في أثناء النكير، والتضليل لزائرها والتكفير، فهو الذي أحفظ عليكم الصدور، وأترع حياض الكراهة والنفور، وسدد إليكم سهام الاعتراض، وأوقد شواظ البغض والارتماض.
فقل لي - يا أخا العرب - هل قمت لنصرة الدين أم لنقض عزاه، وهل أنت مصدق بالوحي لنبيه أم قائل: إن هو إلا إفك افتراه؟ وما تصنع بعد اللتيا والتي، في حديث " من زار قبري وجبت له شفاعتي "؟ وأخبرني هل تضلل سليمان بن داود

(1) س 9 / آ 84
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 » »»