كشف النور - عبد الغني بن اسماعيل النابلسي - الصفحة ٦
لأنها المحمل عند الإطلاق. وإنما كان ذلك تكريما لهم بعد موتهم، وهم من عوام المؤمنين. فكيف الحال مع خواصهم وهم أهل الولاية المقربون إلى الله تعالى. فقد ثبتت الكرامة بعد الموت على لسان الشرع.
وأيضا ثبوت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور القبور في البقيع ويدعو عندها قائما دليل على ثبوت الكرامات بعد الموت لأن النبي صلى الله عليه وسلم لو لم يكن يعلم أن الدعاء عند قبور المؤمنين مستجاب لخصوصية في المكان بسبب الموتى المدفونين فيه لما دعا عند قبورهم بقوله عليه السلام: " أسأل الله لي ولكم العافية " واستجابة الدعاء ببركة قبور المؤمنين التي تنزل عليها الرحمة من جملة الكرامات للمؤمنين بعد الموت.
وذلك في حق قبور عوام المؤمنين فكيف قبور خواصهم من أهل التوحيد الكامل اليقين من المقربين إلى الله تعالى. وفي ذلك ثبوت الكرامة بعد الموت أيضا.
ومن الدليل على ثبوتها بعد الموت أيضا حكم الشرع بوجوب تغسيل الميت المسلم ووجوب تكفينه ودفنه تكريما له. وهي كرامة أثبتها الشرع للمؤمنين بعد الموت خارقة للعادة في حق موتى سائر بني آدم من الكافرين وجميع الحيوانات التي جرت العادة الشرعية بعدم تغسيلها.
ومن الدليل على ذلك أيضا ما قاله صاحب النهاية في شرح الهداية: أن الميت ينجس بالموت وأن التغسيل واجب لإزالة نجاسة تثبت بالموت كرامة للآدمي بخلاف سائر الحيوانات. وفي جامع الفتاوى: يغسل لتنجسه بالموت كسائر الحيوانات الدموية إلا أنه يطهر بالغسل كرامة له. وقيل: لا ينجس لأنه مؤمن بل الغسل لأجل أنه على غير وضوء انتهى. وهذا يدل على ثبوت الكرامة للمؤمن بعد موته أيضا.
وذكر في جامع الفتاوى: أن البناء على القبر لا يكره إذا كان الميت من المشايخ والعلماء والسادات. وذكر فيه أيضا أنه ينبغي أن يكون غاسل الميت على طهارة ويكره أن يكون حائضا أو جنبا انتهى. وهذا مما هو صريح في ثبوت الكرامة للمؤمن بعد الموت أيضا بل الكرامات كلها لا تكون للمؤمن إلا بعد الموت.
أما في الحياة الدنيا فلا كرامة له في الحقيقة إلا مجازا لأنه يكون في دار الجوار
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»