أبناء الرسول في كربلاء - خالد محمد خالد - الصفحة ١٢٤
لكنه يصيح بها، ويضرع إليها كي تعود إلى خبائها، فإذا هي تلعلع بصوتها الواثق:
(لا، لن أعود.. ولن أدعك تذهب إلى الفردوس وحدك)..!!
ولكنه يزحف بجسده المثخن، ويدفعها أمامه نحو الخيام.
فتستعصى عليه، وتستميت دون الرجوع.
ويلمح (الحسين) المشهد من بعيد فيناديها:
(جزيتم عن أهل بيتي خيرا..
ارجعي يرحمك الله، فليس عليكن قتال).
وآنئذ لا غير، تمتثل وتطيع، فإنها لا تستطيع لأمر ابن الرسول عصيانا!!
ويستأنف (عبد الله بن عمر الكلبي) زحفه فوق أرض جاشت بالصراع، ضاربا بسيفه ذات اليمين وذات اليسار، حتى غاضت حياته تحت وطأة الهول الذي كان جسده قد تلقاه.!!
ومرة أخرى، تندفع إلى أرض القتال زوجته التي صممت على ألا يذهب قبلها. وألا يذهب دونها إلى الجنة. وراحت تبحث بين جثث الشهداء حتى وجدته، فجلست بجواره تسجيه بحنانها، وتضمه بكيانها، وتقبل الجراح التي رصعت جسده وهي تصيح: (هنيئا لك الجنة)..!!!
ثم ربضت إلى جواره، ويدها على مقبض سيفه، لتحرس جثمانه من الوحوش الذين كانوا يعودون إلى الشهداء، ليحتزوا رؤوسهم!!
لكن الشقي الزنيم - شمر بن ذي الجوشن - أبصرها، فأمر واحدا من شياطينه، غافلها من الخلف وهشم رأسها، وهكذا لم تحرم من صحبة زوجها إلى الفردوس الأعلى..!!
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»
الفهرست