هذا العب ء، وقلة علمهم بعظيم ما فيه من الوزر، وكلامهم منه بما ليس لهم به علم، ويحسبونه هينا وهو عند الله عظيم.
لا سيما الشعراء، وأشدهم فيه تصريحا وللسانه تسريحا ابن هاني الأندلسي، وابن سليمان المعري، بل قد خرج كثير من كلامهما عن هذا إلى حد الاستخفاف والنقص وصريح الكفر، وقد اجتنبنا عنه.
وغرضنا الآن الكلام في هذا الفصل الذي سقنا أمثلته، فإن هذه كلها وإن لم تتضمن سبا ولا أضافت إلى الملائكة والأنبياء نقصا، ولست أعني عجزي بيتي المعري، ولا قصد قائلها إزراء وغضا، فما وقر النبوة ولا عظم الرسالة، ولا غزر حرمة الاصطفاء، ولا عزز حظوة الكرامة، حتى شبه من شبه في كرامة نالها أو معرة قصد الانتفاء منها، أو ضرب مثل لتطييب مجلسه أو إغلاء في وصفه لتحسين كلامه بمن عظم الله خطره وشرف قدره، وألزم توقيره وبره ونهى عن جهر القول له ورفع الصوت عنده.
فحق هذا - إن درء عنه القتل - الأدب والسجن، وقوة تعزيره، بحسب شنعة مقاله ومقتضى قبح ما نطق به، ومألوف عادته لمثله أو ندوره أو قرينة كلامه أو ندمه على ما سبق منه.
ولم يزل المتقدمون ينكرون مثل هذا ممن جاء، وقد أنكر الرشيد على أبي نؤاس قوله:
فإن يك يأتي سحر فرعون فيكم * فإن عصى موسى بكف خصيب وقال له: يا ابن اللخناء، أنت المستهزئ بعصا موسى، وأمر بإخراجه عن عسكره من ليلته.
وذكر القاضي القتيبي: أن مما أخذ عليه أيضا وكفر فيه أو قارب، قوله في محمد الأمين وتشبيهه إياه بالنبي صلى الله عليه وسلم: