تقديم بقلم فضيلة العلامة المحقق الكبير البحاثة الشيخ باقر شريف القرشي - حفظه الله تعالى - إن الطاقات العلمية الهائلة التي فجرها الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله قد استوعبت جميع لغات الأرض، وامتدت موجاتها المشرقة إلى جميع مناحي الفكر الإنساني، والتي كان منها المناظرات الواقعة بين العلماء في مختلف القضايا العلمية والمذهبية، وكثير منها لا يخلو من الابداع، وهي تحكي قوة الدليل، وروعة الاحتجاج عند بعض، ووهن الدليل وضعفه عند الطرف الآخر.
وقد كان العصر العباسي مسرحا للاحتجاجات والمناظرات في المسائل الكلامية والفلسفية، وقد شهدت أروقة البلاط العباسي أيام الرشيد والمأمون ألوانا ممتعة من المناظرات التي أقامها الخلفاء ووزراؤهم، وفي طليعتها ما تذهب إليه الشيعة في أمر الإمامة بالنص لا بالانتخاب، وأن الإمام معصوم من الخطأ، ومحيط بجميع ما تحتاج إليه الأمة في شؤونها الإدارية والاقتصادية والسياسية، وأنه لا بد أن يكون أعلم أهل زمانه، وكل هذه الأمور كانت موضع جدل وأخذ ورد بين علماء الشيعة وعلماء السنة.
وكان جمع تلك المناظرات في كتاب أو في موسوعة، ضرورة ملحة لا تستغني عنه المكتبة الإسلامية لأنها تلقي الأضواء على الحياة الفكرية