مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٦١ - الصفحة ٧٣
هذا، فإذا كان مدار الحجية المطلقة - عند الغزالي وجماعة منهم معروفين - في قول شخص ما، هو عصمته عن الغلط والسهو وعدم الخطأ، وعدم جواز مخالفته، فكيف يصورون حجية قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المطلقة ولزوم طاعته، ويجوزون عليه الخطأ والاجتهاد الظني، بل ومخالفة غيره له في الاجتهاد؟!..
في حين ينكر الغزالي على القائلين بحجية قول عمر وأبي بكر وبقية الصحابة بتمسكهم بأخبار آحاد لا تثبت أصلا من أصول الأحكام التي لا بد فيها من القطع، تراه يرفع يده عن قطعيات الآيات في لزوم متابعة النبي وعدم الخلاف عليه وعصمته، بأخبار آحاد في تأبير النخل والمخالفة في الشفاعة ونحوها، مع إن لها وجه من التأويل يتلاءم مع العصمة من الخطأ، فما هذا إلا تدافع، وأقوال ينقض أولها آخرها!
ثم أليس كما قال الإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) في صحيفته في وصفه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "... فرضت علينا تعزيره وتوقيره ومهابته، وأمرتنا أن لا نرفع الأصوات على صوته، وأن تكون كلها مخفوضة دون هيبته، فلا يجهر بها عليه عند مناجاته، ونلقاه عند محاورته، ونكف من غرب الألسن لدى مسألته، إعظاما منك لحرمة نبوته، وإجلالا لقدر رسالته، وتمكينا في أثناء الصدور لمحبته، وتوكيدا بين حواشي القلوب لمودته " (1)..
وهو يشير إلى المناصب الإلهية للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) التي جعلها الله تعالى له، فقد قال تعالى: * (ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن

(١) الصحيفة السجادية: الدعاء العاشر - ط. مؤسسة الإمام المهدي (عليه السلام).
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»
الفهرست