مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٦١ - الصفحة ٧٠
في القرن الأول والثاني من اكتفاء الواحد منهم - كأبي حنيفة - بما بلغه ووثق من الحديث وإن قل، وعدم تعنيه في جمع غيره إليه ليفهم دينه ويبين أحكامه، قوى عندك ذلك الترجيح، بل تجد الفقهاء لم يجتمعوا على تحرير الصحيح والاتفاق على العمل به، فهذه كتب الفقه في المذاهب المتبعة، ولا سيما كتب الحنفية فالمالكية فالشافعية، فيها المئات من المسائل المخالفة للأحاديث المتفق على صحتها.
وقد أورد ابن القيم في أعلام الموقعين شواهد كثيرة جدا من رد الفقهاء للأحاديث الصحيحة عملا بالقياس أو لغير ذلك، ومن أغربها أخذهم ببعض الحديث الواحد دون باقيه، وقد أورد لهذا أكثر من ستين شاهدا " (1).
ومع ذلك كله فمن الغريب جمع الغزالي بين ذلك وبين رأيه في الصحابة، قال في المستصفى: " الأصل الثاني من الأصول الموهومة: قول الصحابي، وقد ذهب قوم إلى أن مذهب الصحابي حجة مطلقا، وقوم إلى أنه حجة إن خالف القياس، وقوم إلى أن الحجة في قول أبي بكر وعمر خاصة، لقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (اقتدوا باللذين من بعدي)، وقوم إلى أن الحجة في قول الخلفاء الراشدين إذا اتفقوا..
والكل باطل عندنا، فإن من يجوز عليه الغلط والسهو ولم تثبت عصمته عنه، فلا حجة في قوله، فكيف يحتج بقولهم مع جواز الخطأ؟!
وكيف تدعى عصمتهم من غير حجة متواترة؟! وكيف يتصور عصمة قوم يجوز عليهم الاختلاف؟! وكيف يختلف المعصومان؟!

(1) أنظر: أعلام الموقعين 2 / 294 - 424.
(٧٠)
مفاتيح البحث: الحج (4)، الجواز (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»
الفهرست