مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٩ - الصفحة ٩٦
من ذلك، لم يسلموا لأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أيضا، وفي مقدمتهم أحد الصحابة ممن يحسب من الخاصة، فقد ذكرت كتب الصحاح والتواريخ شدة اعتراضه ورده لأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى إنه ارتاب في دينه، وقد قال تعالى: * (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون * قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله بكل شئ عليم) * (1) وقال: * (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا) * (2).
ولذلك قدمنا في بيان آيات سورة الحشر أن اصطلاحات " الفقراء المهاجرين "... و " الصادقين " لا تعم كل من صحب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فكان من الكثير ممن في ركبه (صلى الله عليه وآله وسلم) حالة عدم انصياع وعدم استجابة وعدم ائتمار، حتى دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خيمته مغضبا فاستخبرته الحال أم سلمة، فأشارت عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن يبتدر ويحلق فسيضطرون إلى متابعته، فلما رأى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) منهم مثل ذلك استوثق منهم بالبيعة تحت الشجرة كي لا يصدر منهم نكول مرة أخرى، فالبيعة أخذت لإنشاء التعهد والوفاء والالتزام بمقتضى الشهادتين التي أقروا بها.
ومن ذلك كله يفهم أن " الرضا " في الآية كان بعد اعتراض كثير من الصحابة - ممن بايع بعد ذلك - على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وحصول حالة من عدم التسليم والنكول بينهم، وما يوجب السخط الإلهي عليهم، ومع ذلك فإن

(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»
الفهرست