مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٧ - الصفحة ٢١٢
أهل البيت (عليهم السلام) حبا خالصا من كل دغش، وليس فيه أية شائبة ومصلحة كي يباع بالصفر والبيض أو بشئ آخر، وإليك هذا الموقف الذي وقفه أبو الأسود الدؤلي (1) مع معاوية حيث روي أن معاوية أرسل إليه هدية منها حلواء، يريد بذلك استمالته وصرفه عن حب علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فدخلت ابنة صغيرة له - خماسي أو سداسي - عليه، فأخذت لقمة من تلك الحلواء وجعلتها في فمها، فقال لها أبو الأسود: يا بنتي! ألقيه فإنه سم، هذه حلواء أرسلها إلينا معاوية ليخدعنا عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، ويردنا عن محبة أهل البيت، فقالت الصبية: قبحه الله، يخدعنا عن السيد المطهر بالشهد المزعفر، تبا لمرسله وآكله، فعالجت نفسها حتى قاءت ما أكلته، ثم قالت:
أبالشهد المزعفر يا بن * هند نبيع عليك أحسابا ودينا معاذ الله كيف يكون هذا * ومولانا أمير المؤمنينا (2) وقال العلامة المجلسي (رحمه الله): رأيت في بعض مؤلفات أصحابنا: روي أنه دخل أبو أمامة الباهلي على معاوية، فقربه وأدناه ثم دعا بالطعام، فجعل يطعم أبا أمامة بيده، ثم أوسع رأسه ولحيته طيبا بيده، وأمر له ببدرة من دنانير فدفعها إليه، ثم قال: يا أبا أمامة! بالله أنا خير أم علي بن أبي طالب؟
فقال أبو أمامة: نعم ولا كذب، ولو بغير الله سألتني لصدقت، علي والله خير منك، وأكرم وأقدم إسلاما، وأقرب إلى رسول الله قرابة، وأشد في المشركين نكاية، وأعظم عند الأمة غناء، أتدري من علي يا معاوية؟!

(١) وهو من الشعراء الفصحاء، ومن الطبقة الأولى من شعراء الإسلام، وكان من سادات التابعين وأعيانهم، صحب عليا (عليه السلام)، وشهد معه وقعة صفين.
(2) أنظر: سفينة البحار 4 / 321.
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 207 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»
الفهرست