مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٥ - الصفحة ٩٩
الخليفة إلى الرأي، كلها مبررات وضعت لتصحيح فعل الخليفة، وليس لها رصيد من الصحة، ولا يخفى هذا على البصير!
لأن من يريد تعمير عجلة مثلا لا يحق له إبادتها بدعوى إرادة إصلاحها، لأن الإصلاح يبتني على تعمير العجلة وإعدادها للعمل تارة أخرى لا أن يبيدها..
ومثله قرار الحاكم لمن حكم عليه بالتعزير في المحاكم الشرعية، فلا يصح قتله بدعوى إصلاحه، فالتعزير قرر في الشرع لإصلاح الناس وتأديبهم، ثم إعدادهم مرة أخرى لمواصلة السير إلى الله، فلو قتل أحد شخصا بدعوى إصلاحه فلا يقبل منه هذا، لأنها دعوى فارغة..
فالقتل والحرق يعني الإبادة وحرمان الاستفادة، وأما التثبت والإصلاح فهو الاستفادة، وقد مر عليك كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لمن سمعهم يتحدثون عنه، ثم تركهم للحديث، وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) لهم: إني لم أرد ذلك، إنما أردت من تعمد ذلك، فتحدثنا.
فالخليفة وبعمله (الإحراق) وبقوله: " لا تحدثوا " كان يريد المنع المطلق للحديث، لقوله: " فمن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله "، ويؤيد هذا مواقفه الأخرى في تثبيت الرأي، فالرأي لا يوافق التعبد بالنص وإن علل اللاحقون المنع والحرق باسم التثبت والتحري والاحتياط وما إلى ذلك، حتى رأينا بعضهم ينكر تبرعا صدور هكذا نصوص عن الخليفة!
لأنها لا تتلاءم مع مكانتهم ومواقفهم.
ثم إن اتحاد هذين الموقفين من الشيخين، وتبنيهم لسياسة الرأي في الأحكام، جعلتنا نشكك في نسبة أحاديث المنع إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، خصوصا بعدما ثبت لنا أنهما لم يستشهدا بمنع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) للحديث،
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»
الفهرست