مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥١ - الصفحة ٤٢٥
يا هشام! قليل العمل من العالم (1) مقبول مضاعف، وكثير العمل من أهل الهوى والجهل مردود (2).
يا هشام! إن العاقل رضي بالدون من الدنيا مع الحكمة، ولم يرض بالدون من الحكمة مع الدنيا، فلذلك ربحت تجارتهم (3).
(يا هشام! إن كان يغنيك ما يكفيك فأدنى ما في الدنيا يكفيك، وإن كان لا يغنيك ما يكفيك فليس شئ من الدنيا يغنيك) (4).
يا هشام! إن العقلاء تركوا فضول الدنيا فكيف الذنوب؟! وترك الدنيا من الفضل، وترك الذنوب من الفرض (5).
[يا هشام! إن العاقل نظر إلى الدنيا وإلى أهلها فعلم أنها لا تنال إلا

(1) في التحف: العاقل.
(2) " قليل العمل... " مراده (عليه السلام) أن قليل العمل من العالم مقبول، وسببه أن بالعلم صفاء القلوب، وطهارة النفوس، والتوصل إلى معرفة الله عز شأنه.
وفضيلة كل عمل إنما هي بقدر تأثيرها في صفاء القلب وإزالة الحجب والظلمة عن النفس، وهي تختلف بحسب الأشخاص، فرب إنسان يكفيه قليل العمل في صفاء نفسه نظرا للطافة طبعه، ورقة حجابه، ورب إنسان لا يؤثر العمل الطيب الذي يصدر منه في صفاء ذاته، نظرا لكثافة طبعه، وكثرة الحجب على نفسه.
(3) " رضي بالدون من الدنيا " أي القليل واليسير منها، وهو قدر البلغة.
" مع الدنيا " وإن كانت وافية ولذتها كاملة.
" ربحت تجارتهم " إذ بدلوا أمرا خسيسا فانيا بأمر شريف باق.
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): " لو كانت الدنيا من ذهب والآخرة من خزف لاختار العاقل الخزف الباقي على الذهب الفاني " كيف والأمر على العكس من ذلك!
(4) ما بين القوسين ليس في الكافي.
(5) " تركوا فضول الدنيا " وإن كانت مباحة لأنها تمنع عن مزيد الكرامة وكمال القرب من الله سبحانه، فكيف الذنوب المورثة لاستحقاق المقت والعقوبة!
(٤٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 420 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة