مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٠ - الصفحة ١٣٠
وقال أحمد بن حنبل: " وليس في المرسلات شئ أضعف من مرسلات الحسن وعطاء بن أبي رباح، فإنهما يأخذان عن كل أحد " (1)، وقال ابن سعد في طبقاته عن الحسن البصري: " وما أرسل من الحديث فليس بحجة " (2)، وهذه الأقوال مطلقة في تضعيف سائر مراسيل الحسن البصري، هذا زيادة على كونه معروفا بالتدليس.
ولو قال أن رواية الثقات عن الشخص المدلس تعديلا له، لكان له وجه، أما جعل روايتهم عنه مصححا لمراسيله فهو أكبر من المصادرة.
وأما كلام الماوردي، فأول ما فيه أنه لم ينقح الأمور التي تجعل المرسل مقبولا عندهم، فقفز إلى النتيجة على مقدمات خاوية!
فلا الصحابي قوله حجة على التحقيق، ولا أساس في واقع الشريعة للقياس، ولا للشاهد المرسل ذلك التأثير المدعى، هذا إن لم نقل إن إفتاء أكثر علمائهم بمضمونه لا يجدي فتيلا أحيانا، فقد أفتى علماء الأحناف بأن القهقهة من نواقض الوضوء (3) - وهم أكثر فقهاء العامة - ومستندهم في ذلك مرسل أبي العالية لا غيره (4).
فهل يوافق الماوردي الشافعي على تصحيح مرسل أبي العالية لإفتاء أكثر العلماء بموجبه ولا يرده كما رده الجمهور، وعلى رأسهم ابن رشد في

(١) الكفاية: ٣٨٦.
(٢) الطبقات الكبرى ٧ / ١٥٧ - ١٥٨.
(٣) الفتاوى الهندية للشيخ نظام الحنفي وجماعته ١ / ١٣، فتاوي قاضي خان الحنفي ١ / ٣٨، مطبوع بهامش الفتاوى الهندية.
(٤) سنن الدارقطني ١ / 123 ح 591 وما بعده، باب أحاديث القهقهة في الصلاة وعللها من كتاب الطهارة، وفي الباب أخرج الحديث موصولا من وجوه كلها موضوعة لا تصح بتصريح الدارقطني نفسه.
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»
الفهرست