مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٥ - الصفحة ١٥٢
فهل كانت المصلحة في ما يحبون؟! أم كان الخير كله في ما يكرهون؟!
ولئن كان الذي رآه عمر مصلحة عاجلة، هو حقا كما رآه، فلسريعا ما كان مفتاحا لمفسدة وأي مفسدة!
إنه الباب الذي كان مهيئا لكل ذي ضغينة على هذه الرسالة وصاحبها أن يقتحموه إلى حيث يطمحون، ألم يكن هو الباب إلى (الرزية، كل الرزية)؟!
هذا ما قاله حبر الأمة ابن عباس (1)، وهو الذي نقشته الأحداث على جبين التاريخ الإسلامي، أحب ذلك أحد أم كره!
* ولقد أخذ عمر على نفسه مرة رده على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحسب تقديره للمصلحة، وذلك في قصة الحكم بن كيسان، إذ جئ به أسيرا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم يدعوه إلى الإسلام، فأطال، فقال عمر:
علام تكلم هذا يا رسول الله؟! والله لا يسلم هذا آخر الأبد، دعني أضرب عنقه ويقدم على أمه الهاوية!
فكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يقبل على عمر، حتى أسلم الحكم!
قال عمر: فما هو إلا أن رأيته أسلم حتى أخذني ما تقدم وما تأخر، وقلت: كيف أرد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمرا هو أعلم به مني، ثم أقول إنما أردت بذلك النصيحة لله ولرسوله؟!
قال عمر: فأسلم والله، فحسن إسلامه، وجاهد في الله حتى قتل

(١) صحيح البخاري / كتاب المرضى - باب ١٧ ح ٥٣٤٥، صحيح مسلم ٣ ح 1637، مسند أحمد 1 / 222.
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»
الفهرست