مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤١ - الصفحة ٤٧
فصل ومما يثبت القول ببطلان حديث تبشير العشرة بالجنة ما رواه الشيخان والنسائي عن سعد بن أبي وقاص، قال: ما سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول لأحد يمشي على وجه الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن.
سلام.
قلت: فهذا سعد - وهو أحد العشرة المذكورين في حديث التبشير - قد شهد بأنه لم يسمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يبشر أحدا بالجنة سوى عبد الله بن سلام، لكنا نعلم أن قوله هذا لا يصح على إطلاقه، إذ قد استفاضت النقول بتبشير جماعة من خيار الصحابة بالجنة - كما تقدم طرف من ذلك في أوائل هذا الإملاء - إلا أن القدر المتيقن من كلامه أنه لم تقع البشارة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم لجميع أولئك العشرة لا سيما على النحو المذكور في حديث الترجمة، وإن قطعنا بوقوعه لبعضهم في موطن آخر كتبشيره عليه وآله الصلاة والسلام أمير المؤمنين عليا عليه السلام وأهل بيته الكرام بالجنة، وإخباره بأنه ساقي الحوض وصاحبه عليه وغير ذلك مما دل على هذا الأمر بالمطابقة أو الالتزام، فتبين أن حديث العشرة المبشرة والشهادة لهم بالجنة لم يكن يعلم به أحد من المبشرين أنفسهم، وإنما هو من الموضوعات المختلقة على عهد بني أمية، وضعوه على لسان بعض الصحابة.
ومن ثم أحرج المتعبدون به وأشكل الأمر عليهم، فاضطروا إلى تأويله بوجوه باردة، وحمله على محامل فاسدة.
منها: أن سعدا كره تزكية نفسه لأنه أحد العشرة المبشرة بالجنة.
قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " (135): وتعقب بأنه لا يستلزم ذلك

(١٣٥) فتح الباري ٧ / 161.
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»
الفهرست