مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٨ - الصفحة ٨
للعقائد الإسلامية يوضي بوضوح وجلاء إلى حقيقة وصواب ما أشرنا إليه، وكنا وما زلنا نذكر بوجوب التعاطي معه بعقلانية وفطنة تجنبا من مغبة السقوط في مهاوي التجني والتعدي على جملة أفكار وعقائد هي أنقى من الثوب الأبيض الخالي من الأدران.
ولا يخفى على ذلك المستقرئ الفطن بأن عقائد الشيعة الإمامية قد كانت - وطوال قرون متلاحقة - في حالة سجال متواصل، وجدال مستمر، بأشكال وأبعاد متعددة، معلنة بوضوح لا لبس فيه حقيقة ما تؤمن به، وما تدين به، وهو ما يمثل - بلا محاباة - صلب العقيدة الإسلامية النقية، وأسسها التي ترتكز عليها، ولما لم يجد قبالتها محاجوها ومناظروها إلا التسليم بصوابها، والقطع بصحتها، والنكوص عن مجاراتها، متوزعين بين طرفي الإيمان والتسليم الباحث عن الحقيقة التي هي ضالة المؤمن، وبين النكوص والتذرع بحجج واهية باطلة لا تنطلي على أحد، مثيرين النقع قبال تلك الحقائق الثابتة والرصينة من خلال الكذب والافتراء، والتلاعب بمفردات الحديث، وهذا هو بحق سلاح العاجزين!
بيد أن ردود الفعل السلبية تلك كانت لا تلبث أن تذوي وتتهاوى لأنها لا تعتمد أية أسس علمية سليمة تدفع المتأمل بها للإيمان بدعاويها وتقولاتها السقيمة والساقطة، حين لا ينفك علماء الشيعة ومفكروها مرارا وتكرارا من التصدي لإبطال هذه التهم الفاسدة، وإيضاح حقيقة ما عمد الآخرون - بإصرار ممجوج سمج - إلى الطعن به، بمدعيات عارية من الصحة. ولعل الأسفار التي تزدان بها المكتبة الشيعية خير شاهد ومصدق لما نقول، والتي هي بمتناول الجميع، لا يعسر على طالب حاجة اقتناؤها وسبر أغوارها.
وحقا نقول: إن حجم وأبعاد تلك الهجمات الفكرية كانت ولا زالت تتناسب طرديا مع توسع ونفوذ الفكر الشيعي قبال الأفكار الأخرى، مادية كانت أسسها أم دينية، إذ تحرك كلا أغراضه ونياته، وما أكثر ما تلاقت أهداف تلك
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 5 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»
الفهرست