مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٨ - الصفحة ١٠٩
في عقيدتنا، ونأخذ بنص الكتاب وبدليل العقل، فإنه إذا خولط النبي في عقله - كما زعموا - جاز عليه أن يظن أنه بلغ شيئا وهو لم يبلغه، أو أن شيئا نزل عليه وهو لم ينزل عليه، والأمر ظاهر لا يحتاج إلى بيان.
ثم إن نفي السحر عنه لا يستلزم نفي السحر مطلقا، فربما جاز أن يصيب السحر غيره بالجنون نفسه، ولكن من المحال أن يصيبه لأن الله عصمه منه.
ما أضر المحب الجاهل، وما أشد خطره على من يظن أنه يحبه، نعوذ بالله من الخذلان.
قال (119): ولو كان هؤلاء يقدرون الكتاب قدره، ويعرفون من اللغة ما يكفي لعاقل أن يتكلم، ما هذروا هذر الهذر، ولا وصموا الإسلام بهذه الوصمة، وكيف يصح أن تكون هذه السورة نزلت في سحر النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع أنها مكية في قول عطاء والحسن وجابر وفي رواية كريب عن ابن عباس، وما يزعمون من السحر إنما وقع بالمدينة؟! لكن من تعود القول بالمحال، لا يمكن الكلام معه بحال، نعوذ بالله من الخبال. انتهى كلامه.
وإنما ذكرناه بطوله لاشتماله على فوائد جمة ومطالب مهمة، وأرباب الفضل لا يسأمون من ذلك.
وذكر تلميذه الشيخ محمد رشيد رضا في (تفسير المنار) (120): أن كتاب البخاري لا يخلو من أحاديث قليلة في متونها نظر، قد يصدق عليه بعض ما عدوه من علامة الوضع، كحديث سحر بعضهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، الذي أنكره بعض العلماء كالإمام الجصاص من المفسرين المتقدمين والأستاذ الإمام محمد عبده من المتأخرين، لأنه معارض بقوله تعالى: (إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا * أنظر كيف ضربوا لك الأمثال

(119) تفسير جزء عم: 182.
(120) تفسير المنار 2 / 104 - 105.
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست