مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٤ - الصفحة ٣٠
6 - الدعاء والأدب العربي:
يقول الدكتور حسين علي محفوظ: " الدعاء " جانب مهم من الآداب العربية، نسيه تاريخ الأدب، وتجاهله الأدباء، وأغفله النقاد وكادوا يطمسون الإشارة إلى بلاغته، على الرغم من أنه: نثر فني رائع، وأسلوب ناصع من أجناس المنثور، ونمط بديع من أفانين التعبير، وطريقة بارعة من أنواع البيان، ومسلك معجب من فنون الكلام.
والحق أن ذلك النهج العبقري المعجز، من بدائع بلاغات النبي صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام التي لم يرق إليها غير طيرهم، ولم تسم إليها سوى أقلامهم.
فالدعاء أدب جميل، وحديث مبارك، ولغة غنية ودين قيم، وبلاغة عبقرية المجاز، إلهية المسحة، نبوية العبقة، تفتر عن إيمان جم الفضائل، وزهد دثر المحاسن، وتواضع أبيض المحجة، وعمل أغر الطريقة، وتقاة عظيمة القدر (36).
حقا إن الدعاء يمثل واحدا من أرفع أساليب الأداء العربي في بلاغته الناصعة، وتعبيره العذب، وهو من أوقع الكلام في الكشف عن مكامن الضمير، ومرادات النفس ومتطلبات الروح، مع تطوره وإبداعه في استخدام أساليب الاستدعاء والرجاء والعتاب والاعتذار، وفي أطوار المرونة والعنف، والعجلة والصبر، واليسر والعسر، والاضطرار والرخاء.
وأيضا: الكلمة الناطقة عن التنازلات والتعهدات والالتزامات في صيغ متكاملة الأطراف، جامعة الأسس، رصينة البنود، فصيحة المفردات، بليغة التراكيب.
وهذا أمر يتكفل الإفصاح عنه والبرهنة عليه، نصوص الدعاء المأثور

(٣٦) الصحيفة السجادية، مقال نشر في مجلة " البلاغ " الكاظمية، السنة الأولى، العدد 6.
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»
الفهرست