شرح القصيدة الرائية ، تتمة التترية - الدكتور جواد جعفر الخليلي - الصفحة ٢٣١
يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون).
ونحن على هذا المقياس وبنفس الموضوع نرى أن لعمر آراء تتناقض تناقضا فاحشا يخرجه عن الحدود إلى الصدود والإجحاف والظلم والجور واستخدام الأغراض الشخصية والعصبية الجاهلية في بعضها وفي الأخرى ما يدل على عدم استعمال المنطق والشرع بل الميول والهوى دون أن يستطيع أحد توجيه ما يفعله على أية وجهة تلائم الشرع أو الذوق السليم.
فنرى عمر مرة يأخذ الفرد بالشبهة ويقيم عليه الحد وقد جاء في السنة الثابتة قوله (صلى الله عليه وآله) ادرؤا الحدود بالشبهات أو لمجرد التعريض في حين قد فرق الله تعالى بين التعريض بالنكاح في العدة وبين التصريح في قوله تعالى في سورة البقرة آية 235:
(ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله إنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا). يعني نكاحا فجعل التعريض بمنزلة الإضمار في النفس فوجب أن يكون كذلك حكم التعريض بالقذف. والمعنى الجامع بينهما إن التعريض لما كان فيه احتمال كان في حكم الضمير لوجود الاحتمال فيه وهذا هو الواقع والمتبع من الفقهاء كما جاء في السنن الكبرى للبيهقي 8 ص 252 وما رواه الأوزاعي عن الزهري عن سالم عن بن عمر قال: كان عمر يضرب الحد بالتعريض . والتعريض يحمل الشك والاحتمال ولا يجوز إيجاب الحد فيه. ولنا في السنة أمثلة جارية وذلك أن زيد ابن ركانة لما طلق زوجته البتة استحلفه النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: ما أردت إلا واحدة فلم يلزمه الثلاثة بالاحتمال لذلك قال الفقهاء في كتب الطلاق أنها لا تجعل طلاقا إلا بدلالة.
والآن نقدم أمثلة أقام بها عمر الحدود لمحض التعريض بينما في أخرى ثبتت بأربعة شهور أو أدرأ الحد عن الزاني وأقامه على الشهود العدول من الصحابة وهي من الوضوح بدرجة لا تعطي للقارئ الكريم محلا للتأويل وخلق المعاذير للخليفة.
(٢٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 ... » »»