دراسات في العقيدة الإسلامية - محمد جعفر شمس الدين - الصفحة ٢٦
1 - انقسام الدولة الإسلامية إلى عدة ممالك، وتناحر ملوكها ووزرائها على الحكم، مما أوجب انشغالهم عن تشجيع حركة التشريع، وانشغال العلماء تبعا لذلك بالسياسة وشؤونها.
2 - انقسام المجتهدين إلى أحزاب، لكل حزب مدرسته التشريعية وتلامذتها، مما دعا إلى تعصب كل مدرسة لمبانيها الخاصة، أصولا وفروعا وهدم ما عداها... وبهذا فنيت شخصية العالم في حزبيته وماتت روح استقلالهم العقلي وصار الخاصة كالعامة اتباعا ومقلدين.
3 - انتشار المتطفلين على الفتوى والقضاء وعدم وجود ضوابط لهم، مما أدى إلى تقبل سد باب الاجتهاد في أواخر القرن الرابع. وتقييد المفتين والقضاة بأحكام الأئمة.
4 - شيوع الأمراض الخلقية بين العلماء والتحاسد والأنانية، فكانوا إذا طرق أحدهم باب الاجتهاد فتح على نفسه أبواب التشهير به، وحط أقرانه من قدره... فلهذا كان العالم يتقي كيد زملائه وتجريحهم بأنه مقلد وناقل، لا مجتهد ومبتكر، وبهذا ماتت روع النبوغ ولم ترفع في الفقه رؤوس.
هذه - بصورة مجملة - هي الأسباب التي تذكر عادة في سد باب الاجتهاد. وأنت لا ترى بينها ما يشير إلى علم الكلام، لا من حيث موضوعه ولا من حيث أسلوبه، لا من قريب ولا من بعيد. وعليه، فلماذا يحمل هؤلاء المنتقدون هذا العلم ما هو براء منه؟
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»