دراسات في العقيدة الإسلامية - محمد جعفر شمس الدين - الصفحة ٢٢
وانتهاءا بالمندسين بين المسلمين ليقوضوا الإسلام في نفوسهم من الداخل، بتشكيكهم فيه، وتشويههم لمعالمه. فجاء علم الكلام، ليواجه هذه البلبلة، وليحفظ بالحجة والدليل، أصول العقيدة من أن تنالها يد التشويه والتشكيك.
والمفروض في علم يكون هذا سبب تبلوره، أن يتخذ العقيدة محورا يدور حوله، وإطارا لا يتعداه بحال.
ومن هنا قيل: أن المتكلم يعتقد ليبحث.
وقد اتخذ بعض الكتاب، من هذا الأسلوب، ثغرة نفذوا منها إلى انتقاد هذا العلم، والتجريح فيه. فادعوا بأن علم الكلام، بأسلوبه البحثي الدائر حول نفس المسائل، وعلى وتيرة واحدة لا تتغير، أدى إلى حالة من الجمود الفكري، أثرت على جميع مناحي حياة المسلمين العلمية والاجتماعية، بل غالوا في انتقادهم لهذا العلم، فعزوا إليه كل اضطراب صناعي ولغوي، وفني مني به المسلمون، وادعوا بأن سد باب الاجتهاد عند المسلمين، إنما كان نتيجة من نتائج هذا العلم!!؟
ولا أدري، ما هو العيب في أسلوب علم الكلام، حتى ينتقد هذا العلم من جهته. إذ ليس معنى هذا الأسلوب، ان المتكلمين يعطلون العقل، وينحونه عن مجال الإبداع، والاستنباط. كيف يكون ذلك، وقد اشتهرت مدرسة من أعظم المدارس الكلامية - كما سنرى - هي مدرسة الاعتزال: بأنها كانت تعتبر النظر العقلي، من الواجبات التي يجب على كل مسلم أن يؤديها.
بل ذهب أتباع هذه المدرسة إلى أبعد من هذا، حيث اتفقوا على أن العبد لا تحصل له صفة الإيمان، حتى يقدر على تقدير الدلالة، ويتمكن من
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»