الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ١٤٧
ولكن صليبيي أوروبا لم يبالوا أن ينتصر الوثنيون المشركون، ثم يستنصروا بهم حقدا على دين التوحيد الذي كان شعاره في التعامل معهم المجادلة بالتي هي أحسن، فقابلوهم بالقتال بالتي هي أسوأ، وهل أسوأ من الاستنجاد عليه بالوثنية؟!
ولو عقل أولئك الحاقدون لأدركوا أن الوثنية التي يستنصرون بها، ستلتهمهم - إذا قدر لها النصر - فيما تستطع أن تلتهمه من أصحاب الديانات..
قلت أن رغبة الصليبيين في التحالف مع المغول الوثنيين أمر ثابت، ولكن ماذا كانت رغبة المغول في الموضوع؟
قبل الإجابة على هذا السؤال لا بد من عرض موجز للتحرك المغولي في اتجاه البلاد الإسلامية، وما كان من أمرهم بعد أن توغلوا فيها، لارتباط ذلك فيما نتحدث عنه من شؤون التحالف الصليبي الوثني.
العام (620 ه‍ - 1223 م) كان جنگيز خان قد حقق أهدافه الأولى في البلاد الإسلامية فعاد إلى بلاده ومات بعد أربع سنين، فتولى بعد ابنه أوغتاي.
وقد كان للمغول بعد جنگيز غزوات اصطدموا فيها بقوات المسلمين غربي مدينة أربيل سنة (1231 م)، ثم سنة (633 ه‍ - 1235 م) حول أربيل نفسها، كذلك سنة (634 ه‍ - 1236 م) حيث اجتاحوا أربيل وارتكبوا فيها ما اعتادوا عليه من فضائع، ثم رحلوا عنها حين بلغهم أن الخليفة العباسي المستنصر جهز عليهم الحملات.
الحملات. وفي سنة (635 ه‍ - 1237 م) وصل المغول إلى سامراء وعادوا عنها منهزمين، ثم رجعوا في السنة نفسها ووصلوا خانقين وهزموا جيوش الخليفة وغنموا غنائم عظيمة. وفي سنة (639 ه‍ - 1241 م) ملكوا أرزن الروم وقتلوا منها كثيرا.
وهنا تجلى لجميع مجاوريهم الخطر المحدق بهم من تعاظم قوة المغول، وما أخذوا يهددون به الدنيا كلها من غزو مريع. وتذكر الجميع أفاعيل جنگيز في كل ما طالت يده من بلاد، وما سفك من دماء وسلب من أموال وهتك من أعراض وأحرق من مدن. تذكروا ذلك وكيف أنه لم يفرق في الناس بين أصحاب هذا الدين
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»