الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ١٤٠
الإسماعيليين في بلاد الشام التي كان مصمما على الوصول إليها، فأغرى خورشاه بالإكرام، واستهواه بالأنعام، واستصدر منه أوامر التسليم.
ومع أن خورشاه كان سيأمر بالتسليم إن لم يكن طوعا فكرها، مع ذلك فربما كان اطمأن إلى أحمائه المغول الذين سيصير ابنه القادم سبطا لهم.
وأوهم هولاكو خورشاه بأنه ارتأى إرساله إلى أخيه إمبراطور المغول منكوقا آن في العاصمة قراقورم زيادة في تكريمه.
وفي الطريق بين أبهر وقزوين صدرت الأوامر لا بقتل خورشاه وحده، بل بقتل حاشيته وأقربائه وأفراد أسرته من النساء والرجال حتى الأطفال في مهادهم.
هنا في بقعة من بقاع هذا الطريق الذي نجوزه الآن، نجوزه بين اخضلال الحقول وتفتح الزهور، هنا في بقعة ما جرت تلك المذبحة الرهيبة.
وأوغلنا السير لنصل إلى مدينة أبهر، وإذا كان الطريق إليها تذكرك بالفواجع وتصور في ذهنك المذابح فإن الوصول إليها بفتح خاطرك على شئ آخر، على شئ يعيدك إلى صفاء النفس وتوهج القريحة والترنم بالشعر.
لله أولئك العلماء الذين أخلصوا للعلم ونذروا نفوسهم له، فعانوا في سبيل تحصيله ونشره ما عانوا، لقد طافوا في الأرض سعيا وراءه، ومشوا من أقصى مكان إلى أقصى مكان لأخذ حديث من محدث، وتناول رواية من راو.
فهذا علي بن الحسن بن هبة الله المعروف بابن عساكر (499 - 571 ه‍) (1105 - 1176 م) ابن دمشق وربيبها، ثم محدثها ومؤرخها يترك دمشق متنقلا من بلاد إلى بلاد طلبا للعلم ولقاء العلماء فيمضي إلى خراسان عن طريق أذربيجان مارا بخوي وتبريز ومرند، وسمع من مشائخها - كما ينص المؤرخون - ثم بزنجان حتى وصل إلى أبهر، وفيما سمع من الشيخ أبي قاسم الحمامي، كما سمع من هبة الله بن أبي الهيجا شيئا من الشعر، كما روى الراوون.
ووصلنا إلى أبهر مجتازين بساتينها أولا، ثم اخترقنا جادة القسم الحديث
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»